للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمكره، وأثره علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقول بالحق حيث كنا لا نخاف في الله لومة لائم. ثم قال عليه الصلاة والسلام: فإن وفيتم فلكم الجنة، ومن غشي من ذلك شيئا كان أمره إلى الله إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه. ولم يفرض يومئذ القتال.


بينهما نون ساكنة، أي: ما تنشط له النفوس مما يسرها "والمكره" ما تكرهه النفوس مما يشق عليها، والمراد أنهم يطيعونه -صلى الله عليه وسلم- في كل أمره ونهيه سهل أو شق، "وأثرة" بضم الهمزة وسكون المثلثة وبفتحهما وبكسر الهمزة وسكون المثلثة، كما ذكره المصنف في حديث: "ستلقون بعدي أثرة"، وهو بالجر والنصب أيضا، أي: وعلى أثرة أو نعطيه أثره "علينا" بأن نرضى بفعله استبد لنفسه أو لغيره لكن لم يقع استئثاره لنفسه أو لغيره، لكن لم يقع استئثار لنفسه الشريفة في الأمور الدنيوية عليهم ولا على غيرهم إلا في نحو الزوجات ولسن بدنيوية محضة، "وأن لا ننازع الأمر" الملك والإمارة "أهله" فلا نتعرض لولاة الأمور حيث كانوا على الحق، قال الباجي في شرح الموطأ: يحتمل أنه شرط على الأنصار ومن لبس من قريش أن لا ينازعوا قريشا ويحتمل عمومه في جميع الناس أن لا ينازعوا من ولاه الله الأمر منهم، وإن كان فيهم من يصلح له إذا صار لغيره، قال السيوطي: والصحيح الثاني، ويؤيده أن في مسند أحمد زيادة وإن رأيت أن لك في الأمر حقا ولابن حبان وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك، وزاد البخاري إلا أن تروا كفر بواحا، أي: ظاهرا باديا، انتهى.
"وأن نقول" ضمنه معنى نعترف فعداه بالباء، "بالحق" أي: "نعترف به" حيث كنا لا نخاف في الله لومة لائم" بل نتصلب في ديننا واللومة المرة من اللوم، وفيها: وفي تنكير لائم مبالغتان "ثم قال عليه الصلاة والسلام" بعد هذه المبايعة "فإن وفيتم فلكم الجنة" فضلا من الله "ومن غشى" بغين وشين معجمتين، أي: فعل، "من ذلك شيئا كان أمره مفوضا إلى الله إن شاء عذبه" بعدله، "وإن شاء عفا عنه" بفضله، "ولم يفرض يومئذ القتال" فلم يبايعهم عليه.
وهذا الحديث أخرجه الشيخان وغيرهما بألفاظ متقاربة لكن لم يقع في رواية الشيخين التصريح بأن المبايعة هذه ليلة العقبة، نعم إخراج البخاري الحديث في وفود الأنصار ظاهر في وقوعها ليلتئذ، وبه جزم عياض وغيره، لكن رجح الحافظ أن المبايعة ليلة العقبة، إنما كانت على الإيواء والنصر وما يتعلق بذلك، وأما على الصفة المذكورة فإنما هي بعد فتح مكة وبعد نزول آية الممتحنة بدليل ما في البخاري في حديث عبادة هذا أنه -صلى الله عليه وسلم- لما بايعهم قرأ الآية كلها، ولمسلم فتلا علينا آية النساء، وله أيضا أخذ علينا كما أخذ على النساء، وعند النسائي "ألا تبايعوني على ما أبايع عليه النساء".
وفي حديث أبي هريرة: ما أدري الحدود كفارة لأهلها أم لا وإسلام أبي هريرة متأخر عن

<<  <  ج: ص:  >  >>