وفي البيضاوي: تحيتهم: ما يحيي بعضهم بعضًا, أو تحية الملائكة إياهم، ولعلَّ المعنى: إنهم إذا دخلوا الجنة وعاينوا عظيم الله وكبرياءه, مجَّدوه ونعتوه بنعوت الجلال، ثم حيَّاهم الملائكة بالسلامة عن الآفات والفوز بأصناف الكرامات، أو الله تعالى، فحمدوه وأثنوا عليه بصفات الإكرام، انتهى. وفي الحديث المعضل الذي سبقت الإشارة إليه: "بينما هم يومًا في ظلّ شجرة طوبى يتحدثون؛ إذ جاءتهم الملائكة يقودون نجبًا" إلى أن قال: "فأناخوا لهم النجائب"، وقالوا لهم: "إن ربكم يقرئكم السلام, ويريدكم لتنظروا إليه وينظر إليكم, وتكلموه ويكلمم, ويزيدكم من فضله ومن سعته، فيتحوّل كل رجل منكم على راحلته, فينطلقون صفًّا معتدلًا" إلى أن قال: "فلما دفعوا إلى الجبار أسفر لهم عن وجهه الكريم, وتجلَّى لهم في عظمته العظيمة, تحيتهم فيها سلام، قالوا: ربنا أنت السلام ومنك السلام...." الحديث. "فائدة" وقع في كلام بعض الأئمة أنَّ رؤية الله خاصَّة بمؤمني البشر، وأنَّ الملائكة لا يرونه، واحتج له بقوله تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام: ١٠٣] فإنه عامّ خص بالآية والأحاديث في المؤمنين، فبقي على عمومه في الملائكة, قال في الحبائك: والأرجح أنهم يرونه, قد نصَّ إمام أهل السنة أبو الحسن الأشعري على أنهم يرونه. وقال في البدور: وكذا نصَّ عليه البيهقي في كتاب الرؤية, وأخرج عن عبد الله بن عمرو بن العاص: "خلق الله الملائكة لعبادته أصنافًا, وإنَّ منهم ملائكة قيامًا صافِّين من يوم خلقهم إلى يوم القيامة, وملائكة ركوعًا خشوعًا من يوم خلقهم إلى يوم القيامة، وملائكة سجودًا من يوم خلقهم إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة تجلَّى لهم -تبارك وتعالى، فإذا نظروا إلى وجهه الكريم، قالوا: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك". ثم أخرجه من وجه آخر بنحوه، عن رجل من الصحابة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي آخره: "فإذا كان يوم القيامة تجلَّى لهم ربهم فينظرون إليه، قالوا: سبحانك ما عبدناك كما ينبغي لك"، قال في الحبائك: وأما دخول الملائكة الجنة فمِمَّا لا خلاف فيه ولا مرية لأحد, خلافًا لمن وَهِمَ فيه. انتهى.