وكم لظلام الليل عندي من يد ... تخبر أن المانوية تكذب "واستفتحت مغالق المعاني" أي: طلبت إزالة ما يمنع من إدراك الوصول إلى المعاني، بأن تعلقت بما يزيل اللبس والإشكال عنها, حتى ظهرت له وانكشفت، فعبرت عنها بألفاظ سهلة قريبة المأخذ, واضحة الدلالات، وفي تسمية تلك الإشكالات المغطية للمعاين بالمغالق -جمع مغلاق بالكسر- استعارة تحقيقة, شبَّه الإشكالات المانعة من إدراك ما وراءها بما هو محفوظ فيها, واستعار لها اسمها, "بمفاتيح فتح الباري" أي: بالبحث واتفتيش عمَّا استعمل هذا اللفظ الذي هو عَلَمٌ لهذا الكتاب, وأراد به فتح الباري -جلا وعلا- بإفاضة النعم عليه, واستخراج المعاني الدقيقة من مواضعها, ووضع ما يدل عليها في كتابه. كذا قال شيخنا، أي: فالمراد: مفاتيح فتح الباري -سبحانه وتعالى, على طريق الاستعارة, وفيه التورية بذكر اسم الكتاب؛ لأن الأخذ منه من جملة نعم الله تعالى, "واستخرجت من مطالب كنوز العلوم" أي: الكتب المشتملة على العلوم؛ كاشتمال المطالب على الأموال المكنوزة فيها, "نفائس الدراري" أي: المسائل النفيسة المشبهة للدرر النفيسة المكنوزة, "حامدًا الله تعالى على ما أنعم" أي: على إنعامه، ولم يتعرض للمنعم به إيهامًا لقصور العبارة عن الإحاطة به, ولئلَّا يتوهم اختصاصه بشيء دون شيء, "وألهم وعلم" يتعدَّى لمفعولين نحو: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} أولهما محذوف للقرينة، أي: علمني "ما لم أكن أعلم, مصليًا مسلمًا على رسوله محمد أشرف" أفضل أنبيائه "وأفضل مبلغ لأنبائه" بالهمزة المفتوحة- لأخباره تعالى التي أمره بتبليغها، وليس الضمير للمصطفى كما هو بين؛ إذ المعنى: إن الرسل كلهم بلغوا ما أمرهم الله بتبليغه وهو أفضلهم, "وعلى آله وأصحابه وأحبابه وخلفائه" يحتمل أنه خاص على عام، ويحتمل المغايرة