للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى المدينة.

فخرجوا أرسالا، وأقام بمكة ينتظر أن يؤذن له في الخروج، فكان أول من هاجر من مكة إلى المدينة أو سلمة بن عبد الأسد، قبل بيعة العقبة بسنة، قدم من الحبشة لمكة، فآذاه أهلها، وبلغه إسلام من أسلم من الأنصار فخرج إليهم.


"إلى المدينة" علم على النبوة بحيث إذا أطلق لا يتبادر إلى غيرها، سميت بذلك في القرآن، وبالدار ودار والإيمان في التوراة بطابة وطائب وطيبة والمسكينة والجابرة والمحبة والمحبوبة والقاصمة والمجبورة والعذراء والمرحومة، وفي مسلم: "إن الله سمى المدينة طابة". وفي الطبراني: "إن الله أمرني أن أسمي المدينة طيبة"، ومن أسمائها دار الأخيار والإسلام ودار الأبرار، وغير ذلك إلى نحو مائة اسم، وكثرة الأسماء آية شرف المسمى، وألف في ذلك المجد الشيرازي مؤلفا حافلا. "فخرجوا أرسالا" بفتح الهمزة، أي: أفواجا وفرقا متقطعة وأحدهم رسل بفتح الراء والسين؛ كما في النور.
قال شيخنا: وفيه تغليب فقد خرج كثير منهم منفردين مستخفين. "وأقام" صلى الله عليه وسلم "بمكة ينتظر أن يؤذن له في الخروج، فكان أول من هاجر من مكة إلى المدينة" بنصب أول خبر كان واسمها "أبو سلمة" عبد الله "بن عبد الأسد" بسين ودال مهملتين؛ كما في السبل، ابن هلال المخزومي البدري أخو المصطفى من الرضاعة وابن عمته برة، وقال فيه: أول من يعطي كتابه بيمينه أبو سلمة بن عبد الأسد، رواه ابن أبي عاصم توفي سنة أربع عند الجمهور، وهو الراجح. وفي الاستيعاب سنة ثلاث. وفي التجريد تبعا لابن منده سنة اثنتين.
"قبل: بيعة العقبة بسنة" وذلك أنه "قدم من الحبشة لمكة فآذاه أهلها وبلغه إسلام من أسلم من الأنصار" وهم الاثنا عشر أصحاب العقبة الثانية؛ كما قال ابن عقبة "فخرج إليهم" وكلام المصنف متناف؛ إذ أوله صريح في أن خروج أبي سلمة بعد العقبة الثالثة، وهذا صريح في أنه قبلها، إلا أن تكون الفاء بمنزلة الواو ليست مرتبة على أمره -صلى الله عليه وسلم- بل غرضه مجرد الإخبار عن أول من هاجر، وهذا قول ابن إسحاق وبه جزم ابن عقبة، وأنه أول من هاجر مطلقا. وفي الصحيح عن البراء: أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن أم مكتوم. قال الحافظ: فيجمع بينهم بحمل الأولية على صفة خاصة هي أن أبا سلمة خرج لا لقصد الإقامة بالمدينة، بل فرارا من المشركين بخلاف مصعب، فكان على نية الإقامة بها، وجمع شيخنا بأن خروج مصعب، لما كان لتعليم من أسلم بالمدينة لم يعده من الخارجين لأذى المشركين بخلاف أبي سلمة، انتهى.
وفي النور حاصل الأحاديث في أول من هاجر، هل هو مصعب وبعده ابن أم مكتوم، أو أبو سلمة، أو عبد الله بن جحش، وحاصلها في النسوة أم سلمة، أو ليلى بنت أبي حثمة، أو أم

<<  <  ج: ص:  >  >>