للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه، فلما كان الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه حتى ينام فيثبوا عليه، فأمر عليه السلام عليا فنام مكانه، وغطى ببرد أخضر، فكان أول من شرى نفسه في الله ووفى بها رسول الله وفي ذلك يقول علي.

وقيت بنفسي خير من وطئ الثرى ... ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر

رسول إله خاف أن يمكروا به ... فنجاه ذو الطول الإله من المكر


لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه، فلما كان الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه"، بضم الصاد: يرقبونه، "حتى ينام فيثبوا عليه، فأمر عليه السلام عليا فنام مكانه وغطي ببرد" له -صلى الله عليه وسلم- بأمره بقوله كما رواه ابن إسحاق: "وتسج بردي هذا الحضري الأخضر فنم فيه، فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم"، وكان -صلى الله عليه وسلم- ينام في برده ذلك إذا نام "أخضر" قيل: كان يشهد به الجمعة العيدين بعد ذلك عند فعلهما وعورض بقول جابر: كان يلبس رداء أحمر في العيدين والجمعة، وجمع باحتمال أن الخضرة لم تكن شديدة فتجوز من قا أحمر.
"فكان" علي "أول من شرى" باع "نفسه في الله، ووفى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم" واستشكل هذا بقوله عليه السلام: "أن يخلص إليك شيء تكرهه"؛ لأن بعد خبر الصادق تحقق أن لا يصيبه ضرر وأجيب بجواز أنه أخبره بذلك بعد أمره بالنوم وامتثاله فصدق أنه بالامتثال باع نفسه قبل بلوغ الخبر، ويحمل أنه فهم أنه لن يخلص إليك ما دام البرد عليك لجعله ذلك علة لأمره بتغطيه به والبرد لا يؤمن زواله عنه بريح أو انقلاب في نوم، فصدق مع هذا أنه باع نفسه.
وأما معارضة رواية ابن إسحاق: "لن يخلص إليك"، بأنه لم يذكرها المقريزي في الأمتاع، وإنما فيه أنه أمره ينام مكانه لأمر جبريل له بذلك، ففاسدة، إذ الترك لا يقضي على الذاكر مع أن روايته لا علة لها إلا إرسال الصحابي وليس بعلة وهب إن ما في الأمتاع رواية لا علة فيها، فزيادة الثقة مقبولة، ولكن القوس في يد غير باريها. "وفي ذلك يقول علي:
"وقيت بنفسي خير من طئ الثرى ... ومن طاف وبالبيت العتيق وبالحجر"
"رسول إله خاف أن يمكروا به ... فنجاه ذو الطول الإله من المكر"
وبعدهما في الشامية وغيرها:
وبات رسول الله في الغار آمنا ... موقى وفي حفظ الإله وفي ستر
وبت أراعيهم وما يتهمونني ... وقد وطنت نفسي على القتل والأسر
يتهمونني بضم التحتية من اتهمه بكذا إتهاما أدخل عليه التهمة؛ كما في القاموس. ومر

<<  <  ج: ص:  >  >>