وفيه: فأطلع الله نبيه على ذلك فبات علي على فراشه، وخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى لحق بالغار، أي: غار ثور؛ كما في رواية ابن هشام وغيره، فأفاد أنه توارى فيه حتى أتى أبا بكر منه في نحر الظهيرة، ثم خرج إليه هو وأبو بكر ثانيا، وبهذا علم الجواب عن قوله في النور: لم أقف على ما صنع من حين خروجه إلى أن جاء إلى أبي بكر في نحو الظهيرة، ووقع في البيضاوي، فبيت عليا على مضجعه وخرج مع أبي بكر إلى الغار. وفي سيرة الدمياطي: أنه ذهب تلك الليلة إلى بيت أبي بكر، فكان فيه إلى الليلة، أي: المقبلة، ثم خرج هو وأبو بكر إلى جبل ثور، انتهى. وفيه أن الثابت في الصحيح أنه عليه السلام أتى أبا بكر في نحر الظهيرة. وفي رواية أحمد: جعل انتهاء خروجه بعد أن بيت عليا على فرشه لحوقه بالغار، فيفيد ما قلنا، والله أعلم. "فأتاهم آت" قال في النور: لا أعرفه، "ممن لم يكن معهم، فقال: ما تنتظرون ههنا، قالوا: محمدا!! قال: قد خيبكم الله قد والله خرج محمد عليكم ثم ما ترك منكم رجلا إلا وضع على رأسه ترابا" قال البرهان: وحكمة وضع التراب دون غيره الإشارة لهم بأنهم الأرذون الأصغرون الذين أرغموا وألصقوا بالرغام وهو التراب، أو أنه سيلصقهم بالتراب بعد هذا. "وانطلق لحاجته فما ترون ما بمكم فوضع كل رجل يده على رأسه، فإذا عليه تراب" بقية رواية ابن إسحاق: ثم جعلوا يطلعون فيرون عليا على الفراش متسجيا برد رول الله -صلى الله عليه وسلم، فيقولون: والله إن هذا لمحمد نائم عليه برده، فلم يزالوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي عن الفراش، فقالوا: لقد صدقنا الذي كان حدثنا وعند أحمد، فبات المشركون يحرسون عليا يحسبونه النبي -صلى الله عليه وسلم- يعني ينتظرونه حتى يقوم فيفعلون به ما اتفقوا عليه فلما أصبحوا ورأوا عليا رد الله مكرهم، فقالوا: أين صاحبك؟ قال: لا أدري، وعند ابن عقبة عن الزهري: وباتت قريش يختلفون ويأتمرون أيهم يهجم على صاحب الفراش فيوثقه، فلما أصبحوا إذا هم بعلي.