للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا} [الإسراء: ٨٠] أخرجه الترمذي وصححه الحاكم.

فإن قيل ما الحكمة في هجرته عليه السلام إلى المدينة وإقامته بها إلى أن انتقل إلى ربه عز وجل؟

أجيب: بأن حكمة الله تعالى قد اقتضت أنه عليه السلام تتشرف به الأشياء، لا أنه يتشرف بها، فلو بقي عليه السلام في مكة إلى انتقاله إلى ربه لكان يتوهم أنه قد تشرف بها، إذ إن شرفها قد سبق بالخليل وإسماعيل، فأراد الله تعالى أن يظهر شرفه عليه السلام فأمره بالهجرة إلى المدينة، فلما هاجر إليها تشرفت به، حتى وقع الإجماع على أن أفضل البقاع الموضع الذي ضم أعضاءه الكريمة صلوات الله وسلامه عليه.


يقلبي {وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا} [الإسراء: ٨٠] "، قوة تنصرني بها على أعدائك.
"أخرجه الترمذي وصححه" هو و"الحاكم" في المستدرك "فإن قيل: ما الحكمة في هجرته عليه السلام" من مكة "إلى المدينة وإقامته بها إلى أن انتقل إلى ربه عز وجل" وهلا أقام بها إذ هي دار أبيه إسماعيل التي نشأ ومات بها وفي حديث: "قبر إسماعيل في الحجر"، رواه الديلمي عن عائشة مرفوعا بسند ضعيف.
"أجيب بأن حكمة الله تعالى قد اقتضت أنه عليه السلام تتشرف به الأشياء" حتى الأزمنة والأمكنة "لا أنه يتشرف بها، فلو بقي عليه السلام في مكة إلى انتقاله إلى ربه لكان يتوهم أنه قد تشرف بها إذ إن شرفها قد سبق بالخليل وإسماعيل، فأراد الله تعالى أن يظهر شرفه عليه السلام فأمره بالهجرة إلى المدينة"، ولذا لم تكن إلى الأرض المقدسة مع أنها أرض المحشر والمنشر وموضع أكثر الأنبياء، لئلا يتوهم ما ذكر أيضا "فلما هاجر إليها تشرفت به" لحلوله فيها وقبره بها، "حتى وقع الإجماع" كما حكاه عياض والباجي وابن عساكر "على أن أفضل البقاع الموضع الذي ضم أعضاءه الكريمة صلوات الله وسلامه عليه" حتى من الكعبة لحلوله فيه، بل نقل التاج السبكي عن ابن عقيل الحنبلي أنه أفضل من العرض، وصرح الفاكهاني بتفضيله على السماوات، بل قال البرماوي: الحق أن مواضع أجساد الأنبياء وأرواحهم أشرف م كل ما سواها من الأرض والسماء.
ومحل الخلاف في أن السماء أفضل أو الأرض غير ذلك، كما كان شيخنا شيخ الإسلام البلقيني يقرره، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>