للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبينما نحن جلوس يوما في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها. قال أبو بكر: فداء له أبي وأمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر، قالت: فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستأذن فأذن له فدخل، فقال -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر: "أخرج من عندك"، فقال أبو بكر: إنما هم


فبينما" بالميم "نحن جلوس يوما في بيت أبي بكر في نحر" بفتح النون وسكون المهملة "الظهيرة" بفتح المعجمة وكسر الهاء، قال الحافظ: أي أول الزوال وهو أشد ما يكون من حرارة النهار والغالب في أيام الحر القيلولة فيها. وفي رواية ابن حبان: فأتاه ذات يوم ظهرا.
وفي حديث أسماء عند الطبراني: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأتينا بمكة كل يوم مرتين بكرة وعشية، فلما كان يوم من ذلك جاءنا في الظهيرة، فقلت: يا أبت هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم، "قال قائل": قال الحافظ في مقدمة الفتح: يحتمل أن يفسر بعامر بن فهيرة.
وفي الطبراني: أن قائل ذلك أسماء بنت أبي بكر، انتهى. أي: وهو لا يمنع الاحتما المذكور لجواز أنهما معا قالا "لأبي بكر: هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متقنعا" أي: مغطيا رأسه، قاله المصنف. وقال الحافظ: أي متطيلسا "في ساعة لم يكن يأتينا فيها". وفي رواية موسى بن عقبة، قال ابن شهاب: قالت عائشة: وليس عند أبي بكر إلا أنا وأسماء، قيل فيه جواز لبس الطيلسان وجزم ابن القيم بأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يلبسه ولا أحد من الصحابة وأجاب عن الحديث بأن التقنع يخالف التطيلس، قال: ولم يكن يفعل التقنع عادة بل للحاجة، وتعقب بأن في حديث أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يكثر التقنع.
وفي طبقات ابن سعد مرسلا: وذكر الطيلسان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم، فقال: هذا ثوب لا يؤدي شكره، انتهى. ويأتي بسط ذلك في اللباس، إن شاء الله تعالى.
"قال أبو بكر: فداء" بكسر الفاء والقصر، وللحموي والمستملي: فداء بالمد والهمز، "له أبي وأمي" في حجة لا لأصح القولين بجواز التفدية بهما، قال البرهان: وما أظن الخلاف إلا في غير النبي -صلى الله عليه وسلم، لأن كل الناس يجب عليهم بذل أنفسهم دون نفسه، "والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر" وفي رواية يعقوب بن سفيان: إن جاء به بأن النافية بمعنى ما، وابن عقبة: فقال أبو بكر: يا رسول الله! ما جاء بك إلا أمر حدث، "قالت" عائشة: "فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستأذن، فأذن له" أبو بكر "فدخل" زاد في رواية: فتنحى أبو بكر عن سريره وجلس عليه رسول الله "فقال -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر: "أخرج" بهمزة قطع مفتوحة "من عندك" هكذا في البخاري في الهجرة وله في محل آخر ما عندك بما مرادا بها من يعلم نحو: لما خلقت بيدي {وَالسَّمَاءِ} [الشمس: ٥] ، و {وَمَا بَنَاهَا} [الشمس: ٥] ، {وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} [الكافرون: ٣، ٥] "فقال أبو بكر: إنما هم

<<  <  ج: ص:  >  >>