وكذا في رواية ابن حبان عن هشام عن أبيه عن عائشة: أنها الجدعاء، ذكره في فتح الباري وعجب إبعاده النجعة بالعز. ولابن حبان فقد رواه البخاري في غزوة الرجيع من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة بلفظ: فأعطى النبي -صلى الله عليه وسلم- أحدهما وهي الجدعاء والحريش بفتح الحاء وكسر الراء المهملتين وسكون التحتية وشين معجمة. وفي سيرة عبد الغني وغيره: أن الثمن كان أربعمائة درهم؛ كما في المقدمة، فصدق حفظ البرهان إذ قال في النور: في حفظي أنه أربعمائة، انتهى. وكأنه مستند من قال الثمانمائة ثمن الراحلتين. "فإن قلت: لم يقبلها إلا بالثمن، وقد أنفق عليه أبو بكر من ماله ما هو أكثر من هذا فقبل"، بموحدة وحذف المفعول، أي: فقبله. فقد روى ابن حبان عن عائشة، قال: أنفق أبو بكر على النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعين ألف درهم. وروى الزبير بن بكار عنها أن أبا بكر لما مات ما ترك دينارا ولا درهما. وفي الصحيح قوله -صلى الله عليه وسلم: "ليس أحد من الناس أمن على نفسه وماله من أبي بكر". وروى الترمذي مرفوعا: "ما لأحد عندنا يدا إلا كافأناه عليها ما خلا أبا بكر، فإن له عندنا يدا يكافئه الله بها يوم القيامة". "أجيب" كما ذكره السهيلي: حدثني بعض أصحابنا، قال ابن دحية، يعني ابن قرقول عن الفقيه الزاهد أبي الحسن بن اللوان "بأنه إنما فعل ذلك لتكون هجرته إلى الله بنفسه وماله رغبة منه عليه السلام في استكماله فض الهجرة إلى الله تعالى وأن تكون على أتم الأحوال"، قال السهيلي: وهو قول حسن. انتهى. وهذا الحديث الصحيح يعارض ما رواه ابن عساكر عن أنس رفعه: "إن أعظم الناس علينا منا أبو بكر زوجني ابنته وواساني بنفسه، وإن خير المسلمين مالا أبو بكر أعتق منه بلال وحملني إلى دار الهجرة"، والمنكر منه آخره فقط، وهو حمله إلى الهجرة فإن كان محفوظا فالحمل مجاز عن المعاونة والخدمة في السفر وعلف الدابة أربعة أشهر حتى باعها للمصطفى بحيث لم يحتج