للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان مكثه -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر في الغار ثلاث ليال، وقيل بضعة عشر يوما. والأول هو المشهور.

وكان يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر، وهو غلام شاب ثقف -أي ثابت المعرفة بما يحتاج إليه لقن- فيدلج من عندهما بسحر، فيصبح مع قريش بمكة كبائت معهم، فلا يسمع بأمر يكادان به.........


وبقي مصلوبا إلى سنة ست وعشرين، وقال ابن سعد: ومصعب في ثاني صفر سنة عشرين، وقال الليث بن سعد وهشام الكلبي والهيثم بن عدي والزبير بن بكار وآخرون، قتل يوم الاثنين ليومين مضيا من صفر سنة اثنين وعشرين ومائة، وقال ابن عساكر: صلب في سنة ست وعشرين، قال البرهان: وعليه يكون في خلافة الوليد بن يزيد؛ لأن هشاما مات سنة خمس وعشرين ومائة.
"وكان مكثه -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر في الغار ثلاث ليال" كما في الصحيح: فكمنا فيه ثلاث ليال، "وقيل: بضعة عشر يوما" رواه أحمد والحاكم عن طلحة البصري مرسلا، قال: قال -صلى الله عليه وسلم: "لبثت مع صاحبي في الغار بضعة عشر يوما، ما لنا طعام إلا طعام البرير". "والأول هو المشهور" كما قال ابن عبد البر وغيره، وجمع الحاكم بأنهما كمنا في الغار وفي الطريق بضعة عشر يوما، لكن قال الحافظ: لم يقع في رواية أحمد ذكر الغار وهي زيادة في الخبر من بعض رواته، ولا يصح حمله على حال الهجرة لما في الصحيح كما تراه من أن عامر بن فهيرة كان يروح عليهما في الغار باللبن، ولما وقع لهما في الطريق من لقي الراعي ومن النزول بخيمة أم معبد وغير ذلك، فالذي يظهر أنها قصة أخرى، انتهى.
"وكان يبيت عندهما" في الغار "عبد الله بن أبي بكر" الصديق أصابه سهم في غزوة الطائف فاندمل جرحه ثم نقض بعد ذلك فمات في خلافة أبيه، قال الحافظ: وفي نسخة من البخاري عبد الرحمن وهو وهم. "وهو غلام شاب ثقف" بفتح المثلثة وكسر القاف ويجوز سكانها وفتحها، كما قال الحافظ، وتبعه المصنف وجوز البرهان ضمها وأسقطه الفتح، وبعدها فاء" أي" حاذق "ثابت المعرفة بما يحتاج إليه" تفسير من المصنف زائد على الحديث وهو من الفتح، وما ألطف قوله في مقدمته، أي: فطن وزنا ومعنى "لقن" بفتح اللام وكسر القاف وتسكن؛ كما في النور: فنون، أي: سريع الفهم، "فيدلج" بضم الياء وسكون الدال، ولأبي ذر بشد الدال بعدها جيم؛ كما قال المصنف، واقتصر الحافظ وتبعه الشامي على رواية أبي ذر، أي: يخرج "من عندهما بسحر" إلى مكة "فيصبح مع قريش بمكة كبائت" لشدة رجوعه بغلس يظنه من لا يعرف حقيقة أمره مثل البائت، "فلا يسمع بأمر يكادان به" بضم التحتية فكاف فألف، رواية

<<  <  ج: ص:  >  >>