للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحلاه وأحسنه من قريب، ربعة لا تشنؤه من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظرا وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفون به، إذا قال استمعوا لقوله، وإذ أمر تبادروا لأمره، محفود محشود، لا عابس ولا مفند.

فقال: هذا والله صاحب قريش، لو رأيته لاتبعته.

قالت أسماء بنت أبي بكر: لما خفي علينا أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم، أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل بن هشام، فخرجت إليهم، فقال: أين أبوك؟ فقلت: والله لا أدري أين............


يزيدك وجهه حسنا ... إذا ما زدته نظرا
وإليه أشار قولها: "وأحلاه" من حلا بعينه وقلبه إذا أعجبه واستحسنه، فالعطف تفسيري في قولها: "وأحسنه من قريب" بإفراد الضمير فيها حملا على لفظ الناس، أو على الجنس، كأنها قالت: أحلى وأحسن هذا الجنس أو لسد واحد مسدهم، كما في التسهيل. ومثله في شرحه بقوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ} [المؤمنون: ٢١] ؛ لأن النعم تسد مسد الأنعام. "ربعة لا تشنؤه" بمعجمة ونون وهمزة مضمومة فهاء الضمير، "من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن" أي: كغصن "بين غصنين" تعني الصديق ومولاه؛ لأنهما المقصودان له بالصحبة، والدليل كان على دينه فلم تعنه، "فهو أنضر" بضاد معجمة "الثلاثة منظرا، وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفون" بضم الحاء: يطوفون "به" ويستدبرون حوله "إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا لأمره، محفود" أي: مخدوم، "محشود" أي: عنده قوم، "لا عابس ولا مفند" بكسر النون: كثير اللوم، كما يأتي.
"فقال" أبو معبد: "هذا والله صاحب قريش، لو رأيته لاتبعته" ولأجتهدن أن أفعل. وفي رواية: ولقد هممت أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا. وفي الوفاء: فهاجرت هي وزوجها وأسلما. وفي خلاصة الوفاء: فخرج أبو معبد في أثرهم ليسلم، فيقال: أدركهم بطن ريم فبايعه وانصرف. وفي شرح السنة للبغوي: هاجرت هي وزوجها وأسلم أخوها حبيش واستشهد يوم الفتح، وكان أهلها يؤرخون بيوم نزول الرجل المبارك.
"قالت أسماء بنت أبي بكر" فيما رواه في الغيلانيات من طريق ابن إسحاق، قال: حدثت عن أسماء فهو منقطع، لكن رواه الحافظ أبو الفتح اليعمري متصلا، من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء، قالت: "لما خفي علينا أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل بن هشام، فخرجت إليهم فقال: أين أبوك؟ " يابنة أبي بكر "فقلت: والله لا أدري أين

<<  <  ج: ص:  >  >>