للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واجتاز -صلى الله عليه وسلم- في وجهه ذلك بعبد يرعى غنما، فكان من شأنه ما رويناه من طريق البيهقي.........


وفي حديث أنس، فقال: يا نبي الله مرني بما شئت، قال: تقف مكانك لا تتركن أحد يلحق بنا، فكان أول النهار جاهدا على نبي الله، وكان آخر النهار مسلحة له، رواهما البخاري، أي: حارسا له بسلاحه. وذكر ابن سعد: أنه لما رجع قال لقريش: قد عرفتم نظري بالطريق وبالأثر، وقد استبرأ لكم، لم أر شيئا، فرجعوا. وفي رواية ابن إسحاق وابن عقبة: فسألته كتابا يكون بيني وبينك آية، فأمر أبا بكر فكتب لي في عظم أو رقعة أو خرقة، ثم ألقاه إلي فأخذته فجعلته في كنانتي، ثم رجعت وجمع في النور بأن عامرا لما كتب طلب سراقة كتابة الصديق لشهرته وعظمته. وعند ابن عقبة وابن إسحاق: فلم أذكر شيئا مما كان حتى إذا فرغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من حنين خرجت لألقاه ومعي الكتاب لقيته بالجعرانة حتى دنوت منه فرفعت يدي بالكتاب، فقلت: يا رسول الله! هذا كتابك، قال: "يوم وفاء وبردان"، فدنوت منه وأسلمت. وروى ابن مردويه وابن أبي حاتم عن الحسن عن سراقة: فبلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى قومه فأتيته، فقلت: أحب أن توادع قومي أسلموا، وإلا آمنت منهم، فأخذ -صلى الله عليه وسلم- بيد خالد، فقال: "اذهب معه، فافعل ما يريد"، فصالحهم خالد على أن لا يعينوا على رسول الله -صلى الله عليهوسلم- وإن أسلمت قريش أسلموا معهم، فأنزل الله: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [النساء: ٩٠] ، فكان من وصل إليهم كان معهم على عهدهم. قال ابن إسحاق: ولما بلغ أبا جهل ما لقي سراقة ولامه في تركهم، أنشده:
أبا حكم واللات لو كنت شاهدا ... لأمر جوادي إذ تسيخ قوائمه
عجبت ولم تشكك بأن محمدا ... نبي وبرهان فمن ذا يكاتمه
زاد بعضهم:
عليك بكف القوم عنه فإنني ... أرى أمره يوما ستبدو معالمه
وفي الحديث: أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لسراقة: "كيف بك إذا لبست سواري كسرى". وذكر ابن المنير عليه السلام قال له، ذلك يوم لحقهما في الهجرة: "تعجب من ذلك"، فلما أتى بهما عمر وبتاجه ومنطقته دعا سراقة فألبسه السوارين، وقال: "ارفع يديك، وقل: الله أكبر الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة بن مالك أعرابيا من بني مدلج"، ورفع عمر صوته ثم قسم ذلك بين المسلمين.
"واجتاز -صلى الله عليه سلم- في وجهه" أي: طريقه، "ذلك" الذي هو مار به "بعيد" قال في النور: أسود، ولا أعرفه ولم أر من ذكره في الصحابة، "يرعى غنما، فكان من شأنه ما رويناه من طريق البيهقي

<<  <  ج: ص:  >  >>