للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان عليه السلام يدعوهم بالليل، فيفرقهم على أصحابه، وتتعشى طائفة منهم معه عليه السلام.

وفي البخاري من حديث أبي هريرة: لقد رأيت سبعين من أصحاب الصفة، ما منهم رجل عليه رداء، إما إزار، وإما كساء، قد ربطوا في أعناقهم، فمنها ما يبلغ نصف الساق، ومنها ما يبلغ الكعبين، فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته.

وهذا يشعر بأنهم كانوا أكثر من سبعين، وهؤلاء الذين رآهم أبو هريرة غير السبعين الذين بعثهم في غزوة بئر معونة، وكانوا من أهل الصفة أيضا، لكنهم استشهدوا قبل إسلام أبي هريرة.


"وكان عليه السلام يدعوهم بالليل فيفرقهم على أصحابه" لاحتياجهم وعدم ما يكفيهم عنده، "وتتعشى طائفة منهم معه عليه السلام" مواساة وتكرما منه وتواضعا لربه، وفي حديث: أن فاطمة طلبت منه، فقال: "لا أعطيك وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم" , "وفي البخاري من حديث أبي هريرة: لقد" وفي رواية بحذف لقد، "رأيت سبعين من أصحاب الصفة ما منهم رجل عليه رداء" بكسر الراء: ما يستر أعالي البدن فقط، لشدة فقرهم لا يزيد الواحد منهم على ساتر عورته، كما أفاده بقوله: "إما إزار" فقط "وإما كساء" على الهيئة المشروحة، بقول: "قد ربطوا" الأكسية فحذف المفعول للعلم به، "في أعناقهم" لعدم تيسر عورتهم، وجمع؛ لأن المراد بالرجل الجنس، "فمنها" أي: الأكسية، قال المصنف: والجمع باعتبار أن الكساء جنس "ما يبلغ نصف الساق" وفي نسخة: آخر الساق، والذي في البخاري: نصف الساقين بالتثنية، وهو أنسب بقوله: "ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه" الواحد منهم "بيده كراهية أن ترى عورته" لأنه لا يستمسك بنفسه وربطه على تلك الهيئة إنما يمنع سقوطه لا ظهور العورة.
قال الحافظ: وزاد الإسماعيلي أن ذلك في حال كونهم في الصلاة، ومحصله أنه لم يكن لأحد منهم ثوبان، انتهى. وفي شرح المصنف: الأصيلي بدل الإسماعيلي، وهو سبق قلم.
"وهذا" أي: قوله من أصحاب الصفة، "يشعر بأنهم كانوا أكثر من سبعين" لأن من للتبعيض على المتبادر. وقد روى ابن أبي الدنيا عن ابن سيرين، قال: كان أهل الصفة إذا أمسوا انطلق الرجل بالواحد، والرجل بالاثنين، والرجل بالجماعة فأما سعد بن عبادة فكان ينطلق بثمانين. "وهؤلاء الذين رآهم أبو هريرة غير السبعين الذين بعثهم" النبي صلى الله عليه وسلم "في غزوة بئر معونة" سنة ثلاث من الهجرة بعد أحد، "وكانوا من أهل الصفة أيضا، لكنهم استشهدوا قبل إسلام أبي هريرة" لأنه كان عام خيبر سنة سبع، وذكر المصنف قصتهم في المغازي، فذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>