للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من غير دعوة.

وأخرج ابن سعد في الطبقات، من مراسيل سعيد بن المسيب: أن بلالا كان ينادي للصلاة بقوله: الصلاة جامعة.

وشاور صلى الله عليه وسلم أصحابه فيما يجمعهم به للصلاة -ذلك فيما قيل في السنة الثانية-


يهتدي بها لدخول الوقت "من غير دعوة" بل إذا عرفوا دخوله بعلامة أتوا المسجد، وقد أخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر: كان المسلمون لما قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة ليس ينادى لها، فتكلموا يوما في ذلك، فقال بعضهم: نتخذ ناقوسا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل بوقا مثل قرن اليهود، فقال عمر: أولا تبعثون رجلا منكم ينادي بالصلاة، فقال صلى الله عليه وسلم: "يا بلال قم فناد بالصلاة".
"وأخرج ابن سعد في الطبقات" للصحابة والتابعين فمن بعدهم إلى وقته فأجاد فيه وأحسن، قاله الخطيب "من مراسيل سعيد بن المسيب" بفتح الياء على المشهور وبكسرها، قاله عياض وابن المديني ابن حزن القرشي المخزومي التابعي الكبير، فقيه الفقهاء ابن الصحابي، مات سنة أربع أو ثلاث وتسعين، "أن بلالا كان ينادي للصلاة" قبل التشاور والرؤيا وبعد قول عمر: تبعثون رجلا ينادي بالصلاة، فاستحسن عليه السلام ذلك فأمر بلالا أن ينادي: "الصلاة جامعة" بنصب الأول على الإغراء، والثاني على الحال ورفعهما على الابتداء والخبر، ونصب الأول ورفع الثاني، وعكسه قاله الحافظ وغيره.
وعن الزهري ونافع بن جبير وابن المسيب: وبقي، أي: بعد فرض الأذان ينادي في الناس الصلاة جامعة للأمر يحدث فيحضرون له يخبرون به وإن كان في غير وقت صلاة، "وشاور صلى الله عليه وسلم أصحابه فيما يجمعهم به للصلاة" لما كثر المسلمون، وروى أبو داود بإسناد صحيح: اهتم النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة كيف يجمع الناس لها، "وذلك فيما قيل في السنة الثانية" مرضه لقول الحافظ الراجح: إنه شرع في السنة الأولى من الهجرة. وروي عن ابن عباس: أن فرض الأذان نزل مع قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: ٩] ، رواه أبو الشيخ.
وذكر أهل التفسير: أن اليهود لما سمعوا الأذان، قالوا: يا محمد! لقد أبدعت شيئا لم يكن فيما مضى، فنزلت: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا} [المائدة: ٥٨] ، الآية، وعدى النداء في الأولى باللام، وفي الثانية بإلى؛ لأن صلات الأفعال يختلف بحسب مقاصد الكلام، فقصد في الأولى معنى الاختصاص، وفي الثانية معنى الانتهاء، قاله الكرماني. ويحتمل أن اللام بمعنى إلى أو العكس، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>