للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا أصح مما حكى الداودي عن ابن إسحاق: أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم بالأذان قبل أن يخبره عبد الله بن زيد بن عمر بثمانية أيام.

وقد عرفت رؤيا عبد الله بن زيد برواية ابن إسحاق وغيره وذلك أنه قال:

"طاف بي -وأنا نائم- رجل يحمل ناقوسا في يده، فقلت يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير لك من ذلك؟.........................................................................


"وهذا" المرسل "أصح مما حكمى الداودي" أحمد بن نصر اليشكري، أبو جعفر الأسدي الطرابلسي وبها ألف شرح الموطأ، وسماه النامي العالم الفاضل المالكي الفقيه المفنن المجيد له حظ من اللسان، والحديث والنظر ثم انتقل إلى تلمسان وألف الواعي في الفقه وشرح البخاري وسماه النصيحة وغير ذلك، وحمل عنه أبو عبد الملك البوني وأبو بكر بن محمد بن أبي زيد وتوفي بتلمسان سنة ثلاثين وأربعمائة، "عن ابن إسحاق" محمد إمام المغازي "أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم بالأذان قبل أن يخبره عبد الله بن زيد وعمر بثمانية أيام" ولو صح أمكن حمله، كما قال شيخنا: على أنه أوحي إليه بإعلام الناس بوقت الصلاة من غير بيان ما يعلم به، وبهذا الإجمال وقعت المشاورة فيما يعلم به، ثم بعدها جاء الوحي بخصوص كلمات الأذان ليلة الرؤيا فلما أخبر بها، قال: "سبقك الوحي بهذه الكلمات". وأجاب في الفتح أيضا عن الإشكال بأنه عليه السلام أمر بمقتضى الرؤيا لينظر: أيقر على ذلك أم لا؟ ولا سيما لما رأى نظمها يبعد دخول الوسواس فيه، وهذا ينبني على القول بجواز اجتهاده صلى الله عليه وسلم في الأحكام، وهو المنصور في الأصول. انتهى.
"وقد عرفت" بالبناء للمفعول زيادة على ما مر، "رؤيا عبد الله بن زيد برواية ابن إسحاق" وليس عرفت بالخطاب، كما ضبط بالقلم إذ لم تتقدم رواية ابن إسحاق "وغيره" كأبي داود والترمذي وابن ماجه، كلهم من طريقه "وذلك أن" أي: عبد الله، كما أخرجه ابن إسحاق، فقال: حدثني محمد بن إبراهيم التيمي، عن محمد بن عبد الله بن زيد، قال: حدثني أبي، "قال:" لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يعلم ليضرب به للناس لجمع الصلاة "طاف بي" أي: دار حولي "وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده، فقلت: يا عبد الله! " ليقال لمن لا يعرف اسمه على أصل معناه الحقيقي؛ لأن الكل عبيد الله، "أتبيع هذا الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قلت: ندعو" أنا ومن معي من المسلمين "به" الناس "إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير لك من ذلك" ولم يقل أفاد لك مع أن القصد الدلالة لا عدمها لأنه لما رآه راغبا في طلب الناقوس نزله منزلة المعرض عن غيره الراغب في نفي إرادة الدلالة فاستفهمه عن النفي والهمزة داخلة على مقدر،

<<  <  ج: ص:  >  >>