وعن ثعلب: الغزوة المرة والغزاة عمل سنة كاملة، وأصل الغزو القصد، ومغزى الكلام مقصده، والمراد بالمغازي هنا ما وقع من قصد النبي صلى الله عليه وسلم الكفار بنفسه أو بجيش من قبله وقصدهم أعم من أن يكون إلى بلادهم أو إلى الأماكن التي حلوها حتى دخل مثل أحد والخندق، انتهى. "التي خرج فيها بنفسه سبعا وعشرين" كما قاله أئمة المغازي موسى بن عقبة وابن إسحاق وأبو معشر والواقدي وابن سعد، وأسنده عن هؤلاء وجزم به الجوزي والدمياطي والعراقي وغيرهم. وقال ابن إسحاق في رواية البكائي عنه ستا وعشرين، وجزم به في ديباجة الاستيعاب، قائلا: وهذا أكثر ما قيل. قال السهيلي: وإنما جاء الخلاف لأن غزوة خيبر اتصلت بغزوة وادي القرى، فجعلهما ابن إسحاق غزوة واحدة، وقيل: خمسا وعشرين، ولعبد الرزاق بسند صحيح عن ابن المسيب: أربعا وعشرين. وعند أبي يعلى بإسناد صحيح عن جابر: أنها إحدى وعشرين غزاة، وروى الشيخان والترمذي عن زيد بن أرقم: أنها تسع عشرة. وفي خلاصة السير للمحب الطبري جملة، المشهور منها: اثنتان وعشرون، ويمكن الجمع على نحو ما قال السهلي بأن من عدها دون سبع وعشرين نظر إلى شدة قرب بعض الغزوات من غيره، فجمع بين غزوتين وعدهما واحدة، فضم للأبواء بواطا لقربهما جدا؛ إذ الأبواء في صفر، وبواط في ربيع الأول، وضم حمراء الأسد لأحد، لكونها صبيحتها. وقريظة للخندق، لكونها ناشئة عنها وتلتها. ووادي القرى لخيبر، لوقوعها في رجوعه من خيبر قبل دخول المدينة. والطائف لحنين، لانصرافه منها إليها، فبهذا تصير اثنتين وعشرين، وإلى هذا أشار الحافظ، فقال بعد نقل كلام السهيلي المار، وقول جابر: إحدى وعشرين، فلعل الستة الزائدة من هذا القبيل. وأما من قال: تسع عشرة فلعله أسقط الأبواء وبواطا، وكان ذلك خفي عليه لصغره ويؤيد ما قلته: ما وقع عند مسلم، بلفظ: قلت: ما أول غزوة غزاها؟ قال: ذات العسير أو العسيرة،