تتميم: روى ابن إسحاق وأحمد من طريقه، عن عمار: أن النبي صلى الله عليه وسلم كنى عليا أبا تراب حين نام هو وعمار في نخل لبني مدلج مجتمع، ولصق بهما التراب، قال: فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فحركنا برجله وقد تتربنا، فيومئذ قال لعلي بن أبي طالب: "ما لك يا أبا تراب"؟، ويعارضه ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن سهل بن سعد، قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد عليا، فقال صلى الله عليه وسلم لإنسان: "انظر أين هو"، فجاء فقال: يا رسول الله، هو في المسجد راقد، فجاء صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب، فجعل صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول: "قم أبا تراب". وفي رواية: "اجلس أبا تراب" مرتين، قال سهل: وما كان له اسم أحب إليه منه. وغلط ابن القيم رواية السيرة، وقال: إنما كناه بذلك بعد بدر، وهو أول يوم كناه فيه. وقال السهيلي: ما في الصحيح أصح، إلا أن يكون كناه بها مرة في هذه الغزوة ومرة بعدها في المسجد، ومال الحافظ وصاحب النور إلى ذا الجمع، لكنهما قالا: فإن صح فيكون كناه ... إلخ، إشارة للتوقف فيه، فإن إسناده لا يخلو من مقال. قيل: ولهذا اختص علي بقولهم كرم الله وجهه دون غيره من الصحابة والآل، وقيل: لأنه لم يسجد لصنم قط وقيل غير ذلك. وروى الطبراني عن ابن عباس، وابن عساكر عن جابر: أنه صلى الله عليه وسلم لما آخى بين أصحابه ولم يؤاخ بين علي وبين أحد غضب فذهب إلى المسجد، فذكر نحو حديث الصحيح. قال الحافظ: ويمتنع الجمع بينهما؛ لأن المؤاخاة كانت أول ما قدم المدينة ودخول علي على فاطمة بعد ذلك بمدة. وما في الصحيح أصح، انتهى. ولم يظهر من تعليله امتناع الجم، فإنه ممكن بمثل ما جمعوا به بين الحديثين قبله، فيكون كناه ثلاث مرات، أولها: يوم المؤاخاة في المسجد. وثانيها: في هذه الغزوة في نخل بني مدلج. وثالثها: بعد بدر في المسجد لما غاضب الزهراء وإنما يمتنع لو قال في رواية الصحيح: إنه أول يوم كناه فيه، كما ادعى ابن القيم. "وكانت نسخة الموادعة" بينه صلى الله عليه وسلم وبين بني ضمرة الواقعة في غزوة ودان، وذكر ههنا وإن كان الأولى تقديمها، ثم كان فعل السهيلي وأتباعه لأنه أراد ذكر الغزوات الثلاث على حدة ولم يخش لبس أنها لبني مدلج لتصريح الكتاب أنها لبني ضمرة، ولذا أسقط أولا قول ابن إسحاق