للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ومن آيات بدر الباقية، ما كنت أسمعه من غير واحد من الحجاج أنهم إذا اجتازوا بذلك الموضع يسمعون هيئة الطبل طبل ملوك الوقت، ويرون أن ذلك لنصر أهل الإيمان، قال: وربما أنكرت ذلك، وربما تأولته بأنه الموضع لعله صلب فتستجيب فيه حوافر الدواب، وكان يقال لي: إنه دهس رمل غير صلب، وغالب ما يسير هناك الإبل وأخفافها لا تصوت في الأرض الصلبة، فكيف بالرمال؟ قال ثم لما من الله عليه بالوصول إلى ذلك الموضع المشرف، نزلت عن الراحلة أمشي وبيدي عود طويل من شجر السعدان المسمى بأم غيلان،........................................


وروى ابن أبي الدنيا عن الشعبي: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني مررت ببدر فرأيت رجلا يخرج من الأرض فيضربه رجل بمقمعة معه حتى يغيب في الأرض ثم يخرج، فيفعل به مثل ذلك ففعل ذلك مرارا، فقال صلى الله عليه وسلم: "ذاك أبو جهل بن هشام يعذب إلى يوم القيامة"، كذلك والرجل الذي أبهمه الشعبي، الظاهر أنه ابن عمر ويحتمل أنه غيره فيكون الرائي لأبي جهل تعدد.
"قال" أي: ابن مرزوق في شرح البردة: "ومن آيات بدر" أضافها إليها لترتبها على غزوتها فهي لأدنى ملابسة "الباقية" على مدى الأزمان، وبه صرح الإمام المرجاني، فقال: وضربت طبل خانة النصر ببدر فهي تضرب إلى يوم القيامة، ونقله الشريف في تاريخيه وأقره، والشامي وأقره "ما كنت أسمعه من غير واحد من الحجاج أنهم إذا اجتازوا بذلك الموضع" أي: بدر، "يسمعون هيئة الطبل طبل ملوك الوقت ويرون" يعتقدون "أن ذلك لنصر أهل الإيمان، قال: وربما أنكرت ذلك وربما تأولته بأن الموضع صلب" بضم فسكون، أي: شديد لا سهولة فيه "فتستجيب" تجيب "فيه حوافر الدواب" أي: تقابل بصوت يشبه تصويتها في الأرض وهو الصدى الذي يجيب بمثل الصوت في الجبال وغيرها، "وكان يقال لي: إنه دهس" بمهملتين: سهل ليس يرمل ولا ترا ولا طين، كما في الصحاح والقاموس.
زاد في نسخة: "رمل" أي: أنه للينه يشبه المكان الذي به الرمل أو استعمل دهس في مجرد كون الأرض لينة لا تقتضي سماع الصوت، فقال: رمل "غير صلب" صفة كاشقة، "وغالب ما يسير هناك الإبل وأخفاقها لا تصوت في الأرض الصلبة فكيف بالرمال" فانتفى تأويلك "قال: ثم لما من الله علي بالوصول إلى ذلك الموضع المشرق" المضيء "نزلت عن الراحلة أمشي وبيدي عود طويل من شجر السعدان" بفتح المهملة، قال في القاموس: نبت من أفضل مراعي الإبل ومنه مرعى ولا كالسعدان وله شوك يشبه حلمه الثدي "المسمى بأم غيلان" بكسر المعجمة ولعله عند العوام فلا ينافي ما رأيت عن القاموس، وفيه أيضا: وأم غيلان من شجر

<<  <  ج: ص:  >  >>