للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الطبراني من حديث أبي اليسر، أنه أسر العباس، وقيل للعباس -وكان جسيما- كيف أسرك أبو اليسر وهو دميم، ولو شئت لجعلته في كفك، فقال: ما هو إلا أن لقيته فظهر في عيني كالخندمة..................................


الأربعاء أوائل شعبان، وأقمنا يوما، ابتكرت نحوذ لك الصوت يجيء من كثيب ضخم طويل مرتفع كالجبل شمالي بدر، فطلعت أعلاه وتتابع الناس لسماعه، وكانوا زهاء مائة من رجال ونساء، فما سمعت شيئا، فنزلت أسلفه فسمعت من سفح الكثيب صوتاكهيئة الطبل الكبير سماعا محققا بلا شك مرارا متعددة وسمعه الناس كلهم، كما سمعت، وكان الصوت يجيء تارة من تحتنا ثم ينقطع، وتارة من خلفنا ثم ينقطع، وتارة قدامنا، وتارة من شمالنا، فسمعنا سماعا محققا وكان الوقت صحوا رائفا لا ريح فيه، انتهى.
ولما ذكر ما أراد من الغزوة، في ذكر الأساري، فقال: "وروى الطبراني" والبزار "من حديث أبي اليسر" بفتح التحتية والسين المهملة وبالراء كعب بن عمرو الأنصاري السلمي بفتحتين مشهور باسمه وكنيته، شهد العقبة وبدرا والمشاهد، ومات سنة خمس وخسمين بالمدينة. وقول ابن إسحاق كان آخر من مات من الصحابة كأنه يعني أهل بدر، كما في الإصابة. "أنه أسر العباس" بن عبد المطلب رضي الله عنه. أخرج ابن إسحاق عن ابن عباس: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إني عرفت أن رجلا من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرها لا حاجة لهم بقتالنا فمن لقي منكم أحدًا من بني هاشم فلا يقتله، ومن لقي أبا البختري فلا يقتله، ومن لقي العباس بن عبد المطلب فلا يقتله، فإنما خرج مستكرها".
فقال أبو حذيفة بن عتبة: أنقتل آباءنا وإخواننا وعشيرتنا ونترك العباس، والله لئن لقيته لألجمنه السيف فبلغه صلى الله عليه وسلم، فقال لعمر: "يا أبا حفص"، قال عمر: والله إنه لأول يوم كناني فيه بأبي حفص "أيضرب وجه عم رسول الله صلى الله بالسيف"، فقال عمر: يا رسول الله! دعني فلأضرب عنقه بالسيف، فوالله لقد نافق فكان أبو حذيفة يقولك ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلتها يومئذ، ولا أزال منها خائفا إلا أن تكفرها عني الشهادة فاستشهد يوم اليمامة رضي الله عنه.
"وقيل للعباس وكان جسيما" جميلا وسيما أبيض له ضفيرتان معتدلا. وقيل: طويلا والقائل ابنه. ففي رواية الطبراني وأبي نعيم عن ابن عباس، قال: قلت لأبي "كيف أسرك أبو اليسر وهو دميم" بدال مهملة قبيح المنظر صغير الجسم، "ولو شئت" أن تجعله في كفك، "لجعلته في كفك" فالمفعول محذوف دل عليه الجواب.
وفي رواية البزار: ولو أخذته بكفك لوسعته، "فقال:" زاد البزار: يا بني لا تقل ذلك، "ما هو إلا أن لقيته فظهر في عيني" بالتثنية أو الإفراد مرادا به الجنس، "كالخندمة" وفي رواية

<<  <  ج: ص:  >  >>