وفي الصحيح عن أنس: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بمال من البحرين، فقال: "انثروه في المسجد"، وكان أكثر مال أتى به، فخرج إلى الصلاة ولم يلتفت إليه، فلما قضى الصلاة جلس إليه فما كان يرى أحدًا إلا أعطاه إذ جاءه العباس، فقال: أعطني فإني فاديت نفسي وفاديت عقيلا، فقال له: "خذ" فحثا في ثوب ثم ذهب يقله فلم يستطيع، فقال: يا رسول الله، مر بعضهم يرفعه إلي، قال: "لا"، قال: فارفعه أنت علي، قال: "لا"، فنثر منه ثم احتمله فألقاه على كاهله ثم انطلق وهو يقول: إنما أخذت ما وعد الله فقد أنجز، فما زال صلى الله عليه وسلم يتبعه بصره حتى خفى علينا عجبا من حرص، فما قام صلى الله عليه وسلم وثم منها درهم. وعند ابن أبي شيبة: أن المال كان مائة ألف، وهذا كله صريح في أنه لم يفد إلا نفسه وعقيلا، قيل وفدى نوفلا لقوله صلى الله عليه وسلم: "فادِ نفسك وابني أخيك نوفلا وعقيلا"، ولما أسلم نوفل آخى بينه وبين العباس، ذكره ابن إسحاق. وقيل: بل فدى نوفل نفسه، فقد روى ابن سعد أنه صلى الله عليه وسلم قال لنوفل: "أفد نفسك"، قال: ليس لي مال أفتدي به، فقال: "أفد نفسك بأرماحك التي بجدة"، قال: والله ما علم أحد أن لي بجدة رماحا غير الله، أشهد أنك رسول الله، وفدى نفسه بها وكانت ألف رمح. ويمكن الجمع بأنه أمر العباس قبل أن يعلم أن لنوفل مالا فلما أعلمه الله بذلك أمر نوفلا بفداء نفسه ويؤيد ذلك قول العباس في الصحيح: فاديت نفسي وعقيلا ولم يذكر نوفلا وصدر السهيلي بأن نوفلا أسلم عام الخندق، وهاجر ومات بالمدينة سنة خمس عشرة وصلى عليه عمر. "وكان قد استشهد يوم بدر من المسلمين أربعة عشر رجلا" قيل: وأسهم لهم صلى الله عليه وسلم "ستة من المهاجرين" عبيدة بن الحارث المطلبي قطعت رجله في المبارزة، فمات بالصفراء فدفنه صلى الله عليه وسلم بها، وقيل: مات بالروحاء. ومهجع بكسر الميم وإسكان الهاء وفتح الجيم وعين مهملة، مولى عمر. قال ابن إسحاق: وابن سعد كان أول قتيل من المسلمين وأول من جرح، قتله عامر بن الحضرمي بسهم أرسله إليه، وقال صلى الله عليه وسلم يومئذ: "مهجع سيد الشهداء". وروى الحاكم عن واثله رفعه: "خير السودان لقمان وبلال ومهجع" قاله البرهان. ونقل بعض مشايخي أنه أول من يدعى