تنبيه: "لا يقدح في وعد الله تعالى" للمسلمين بالظفر بقوله سبحانه: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْن} [الأنفال: ٧] الآية، "إن استشهد هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم" لأنه وعدهم بالظفر بقريش وقد فعل ولم يعدهم أنه لا يقتل أحد منهم، فلا ينافي قتل هؤلاء، "إنما هذا الوعد، كقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: ٢٩] الآية، إلى قوله {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} [التوبة: ٢٩] ،" حال، أي: منقادين أو بأيديهم لا يوكلون بها {وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] الآية، أذلاء منقدون لحكم الإسلام، ووجه التشبيه أن هذه الآية دلت على أمرهم بالقتال حتى يتمكنوا من عدوهم بإذلالهم وأخذ الجزية إن لم يؤمنوا، وآية {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ} [الأنفال: ٧] الآية، تلد على الظفر بالأعداء من غير دلالة على عدم قتل أحمد منهم، "فقد نجز الموعود" به "وغلبوا" بالبناء للفاعل "كما وعدوا" بالبناء للمفعول "فكان وعد الله مفعولا"، أي: موعوده، "ونصره للمؤمنين ناجزا والحمد لله وقتل من المشركين سبعون وأسر سبعون" كما في حديث البراء عند البخاري وابن عباس، وعمر عند مسلم ووافقهم آخرون وبه جزم ابن هشام ونقله عن أبي عمر، وقال ابن كثير: وهو المشهور. قال الحافظ: وهو الحق وأن أطبق أهل السير على إن القتلى خمسون قتيلا يريدون قليلا أو ينقصون وأطلق كثير من أهل المغازي أنهم بضعة وأربعون، وسرد ابن إسحاق أسماؤهم فبلغوا خمسين. وزاد الواقدي ثلاثة أو أربعة، وسردهم ابن هشام فزادوا على الستين لكن لا يلزم من معرفة أسماء من قتل على التعيين أن يكونوا جميع من قتل، وقد قال الله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} [آل عمران: ١٦٥] الآية. اتفق علماء التفسير على أن المخاطب بذلك أهل أحد، وإن المراد بإصابتهم مثليها يوم بدر، وبذلك جزم ابن هشام واستدل له بقول كعب بن مالك من قصيدة: