وفي حواشي أبي ذر: قرحة قاتلة كالطاعون، فتباعد عنه بنوه "عتبة ومعتب أسلما يوم الفتح وثبتا يوم حنين، وأختهما درة لها صحبة وهي من المهاجرات، وأما عتيبة المصغر فقتله الأسد بالزرقاء من أرض الشام بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، رواه الحاكم وصححه وكان ذلك في حياة أبي لهب، كما رواه أبو نعيم، فتردد البرهان في أنه هلك زمن أبيه أو بعده تقصير، "حتى قتله الله وبقي بخلاف ثأر بعد موته ثلاثا لا تقرب" بالبناء للمفعول ونائبه "جنازته" بكسر الجيم أفصح من فتحها، وهو من إضافة الأعم إلى الأخص، كشجر أراك، أي: لا يقرب هو فإطلاق الجنازة تجوز من تسمية المطلق باسم المقيد إذ هي الميت في النعش أو النعش وعليه الميت، وكلاهما لا يراد هنا؛ لأنه لم يكن على نعش "ولا يحاول دفنه" لا يفكر فيه ولا يشرع في أسبابه من الحيلة، "فلما خافوا السبة" بضم المهملة وشد الموحدة فتاء تأنيث، أي: العار الذي يلحقهم فيسبون به "في تركه" أي: بسببه، "حفروا له ثم دفعوه بعود في حفرته" وقيل: لم يحفروا له بل دفعوه إلى أن ألصقوه بالحائط، "وقذفوه بالحجار من بعيد حتى واروه" قال اليعمري: ويروى أن عائشة كانت إذا مرت بموضعه ذلك غطت وجهها، قال البرهان: الظاهر أن ذلك لنتنه، انتهى. فكأنه كان يظهر من قبره إهانة له أبدا، ويحتمل أن فعلها ذلك لكونه محل عذاب، كما فعل صلى الله عليه وسلم حين مر بالحجر فغطى وجهه بثوبه واستحث راحلته إشارة إلى التباعد عنه، هذا والقبر الذي يرجم خارج باب شبيكة ليس بقبر أبي لهب، كما أفاده البرهان، وإنما هو قبر رجلين لطخا الكعبة بالعذرة في الدولة العباسية، فلما أصبح الناس ورأوها كمنوا لهما فأخذا ثم صلبا في هذا الموضع ودفنا واستمرا يرجمان إلى الآن، كما قاله المحب الطبري، وأنه لا أصل لما اشتهر عند المكيين أنه قبر أبي لهب، وقيل: إنه قبر أبي الطاهر القرمطي بكسر القاف والميم، عدو الله الذي قتل الحجيج في المسجد الحرام وطرح القتلى في زمزم واقتلع الحجر الأسود، فابتلي بالجدري فقطع جسده.