للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل في نصف المحرم سنة ثلاث -خرج عليه الصلاة والسلام يريد بني سليم. فبلغ ماء يقال له الكدر، وتعرف بغزوة قرقرة، وهي أرض ملساء.

والكدر: طير في ألوانها كدرة عرف بها ذلك الموضع.

فأقام بها عليه الصلاة والسلام ثلاثا، وقيل عشرا، فلم يلق أحدا


قوله: فرغ من بدر في آخر رمضان وأول شوال، ويمكن أن لا تنافي بين القولين، "وقيل: في نصف المحرم سنة ثلاث" وبه جزم ابن سعد وابن هشام "خرج عليه الصلاة والسلام" في مائتي رجل "يريد بني سليم" بضم المهملة وفتح اللام، "فبلغ ماء يقال له الكدر" بضم الكاف وسكون المهملة؛ لأنه كما ذكر ابن إسحاق وابن سعد وابن عبد البر وابن حزم: بلغه صلى الله عليه وسلم أن بهذا الموضع جمعا من بني سليم وغطفان، "وتعرف" غزوة بني سليم بالكدر "بغزوة ذي قرقرة" بفتح القافين. وحكى البكري ضمهما، قال الدميري وغيره: والمعروف فتحهما بعد كل قاف راء أولاهما ساكنة، ثم تاء تأنيث. قال ابن سعد: ويقال قرارة الكدر، وفي الصحاح: قراقر، وإن عرف ما حكاه البكري يكون أربعة. "وهي أرض ملساء والكدر" كما قال السهيلي وابن الأثير وغيرهما "طير في ألوانها كدرة عرف بها ذلك الموضع" الذي هو قرقرة لاستقرار هذه الطيور به، فهما غزوة واحدة، وتبع المصنف على ذلك تلميذه الشامي، فقال: غزوة بني سليم بالكدر، ويقال لها: قرقرة الكدر، وجعلهما اليعمري غزوتين، وجعل شيخه الدمياطي غزوة بني سليم هي غزوة نجران الآتية، ويجي قول المصنف فيها وتسمى غزوة بني سليم.
"فأقام بها عليه الصلاة والسلام ثلاثا" قاله ابن إسحاق والجماعة "وقيل: عشرا، فلم يلق أحدًا" من سليم وغطفان الذين خرج يريدهم في المحال، وذكر ابن إسحاق والجماعة أنه أرسل نفرا من أصحابه في أعلى الوادي، واستقبلهم صلى الله عليه وسلم في بطن الوادي فوجد رعاة، بالكسر جمع راع فيهم غلام يقال له يسار، بتحتية ومهملة، فسأله عن الناس، فقال: لا علم لي بهم، إنما أرود لخمس وهذا يوم ربعي والناس قد ارتفعوا في المياه، ونحن عزاب في النعم، فانصرف صلى الله عليه وسلم وقد ظفر بالنعم فانحدر بها إلى المدينة واقتسموا غنمائهم بصرار على ثلاثة أميال من المدينة وكانت خمسمائة بعير، فأخرج خمسه وقسم أربعة أخماسه على المسلمين، فأصاب كل رجل منهم بكران، وكانوا مائتي رجل وصار يسار في سهمه صلى الله عليه وسلم فأعتقه لأنه رآه يصلي، أي: لأنه أسلم بعد الأسر وتعلم الصلاة من المسلمين، واستشكل بأنه لما أسلم لم يقم به رق، فلا يكون غنيمة فكيف وقع في سهم؟ وأجيب: بأن إسلامه إنما يعصم دمه ويخير الإمام فيه بين الرق والفداء

<<  <  ج: ص:  >  >>