وفي رواية أبي الحسن بن شاذان: أنه لما زوجه وهو غائب قال: "جمع الله شملهما، وأطاب نسلهما، وجعل نسلهما مفاتيح الرحمة، ومعادن الحكمة، وأمن الأمة" فلما حضر علي تبسم صلى الله عليه وسلم وقال: "إن الله أمرني أن أزوجك فاطمة، وإن الله أمرني أن أزوجكها على أربعمائة مثقال فضة"، فقال: رضيتها يا رسول الله، ثم خر علي ساجدا لله شكرا، فلما رفع رأسه قال صلى الله عليه وسلم: "بارك الله لكما، وبارك فيكما، وأعز جدكما، وأخرج منكما الكثير الطيب". "قال أن" بن مالك: راوي الحديث رضي الله عنه مشيرا إلى أن الله تعالى أجاب دعاءه صلى الله عليه وسلم، مؤكدا ذلك بالقسم، "فوالله لقد أخرج" الله "منهما الكثير الطيب" الطاهر، وجعل فيهم علماء وأولياء وكرماء، وملأ بهم الأرض ولله الحمد، وهم نسل النبوة. وقد روى الطبراني والخطيب، عن ابن عباس، قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله لم يبعث نبيا قط إلا جعل ذريته من صلبه غيري، فإن الله جعل ذريتي من صلب علي"، ثم حديث أنس هذا، قال ابن عساكر: غريب فيه مجهول، وأقره الحافظ في اللسان، وإشارة صاحب الميزان إلى أنه كذب مردوده، كيف وله شاهد عند النسائي بإسناد صحيح عن بريدة: أن نفرا من الأنصار قالوا لعلي: لو كانت عندك فاطمة، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم ليخطبها، فسلم عليه فقال: "ما حاجة ابن أبي طالب"؟ قال: فذكرت فاطمة، فقال صلى الله عليه وسلم: "مرحبا وأهلا" فخرج إلى الرهط من الأنصار ينتظرونه، فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما أدري غير أنه قال لي: "مرحبا وأهلا"، قالوا: يكفيك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحدهما قد أعطاك الأهل، وأعطاك الرحب، فقلما كان بعدها زوجة، قال: "يا علي لا بد للعرس من وليمة"، قال سعد: عندي كبش، وجمع له رهط من الأنصار آصعا من ذرة، فلماكان ليلة البناء، قال: "يا علي لا تحدث شيئا حتى تلقاني"، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ، ثم أفرغه على علي وفاطمة، فقال: "اللهم بارك فيهما، وبارك عليهما، وبارك لهما في نسلهما"، "والعقد لعلي وهو غائب محمول، على أنه كان له وكيل حاضر" قبل العقد من المصطفى فورا، "أو على أنه لم يرد به العقد، بل إظهار ذلك ثم عقد معه لما حضر" وقد يرد على هذا قوله: "اشهدوا أني قد زوجته"، ثم لم ينقل عقده له بعد حضوره، إلا أن يقال قوله له: