للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولما انتهى -صلى الله عليه وسلم- إلى فم الشِّعب ملأ علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- درقته من المهراس -وهو صخرة منقورة تسع كثيرًا من الماء، وقيل هو اسم ماء بأحد-


وروى البرقاني عن ابن مسعود قال: قال -صلى الله عليه وسلم: "إن أشدَّ الناس عذابًا من قتله نبي أو مصور".
قال المحب الطبري: وجه ذلك، والله أعلم، أن المصور ضاهى فعل الله -عز وجل، ومن قتله نبي محمول على أنه قتله دفعًا عن نفسه، أو بارز لعناده، فإن الأنبياء مأمورون باللطف والشفقة على عباد الله، والرأفة, فما يحمله على قتله إلّا أمر عظيم، انتهى.
قال ابن إسحاق: وقال حسان بن ثابت في ذلك هذه الأبيات:
لقد ورث الضلالة عن أبيه ... أُبَيّ حين بارزه الرسول
أتيت إليه تحمل رم عظم ... وتوعده وأنت به جهول
وقد قتلت بنو النجار منكم ... أمية إذ يغوث يا عقيل
وتب ابنا ربيعة إذ أطاعا ... أبا جهل وأمهما الهيول
وأفلت حارث لما اشتغلنا ... بأسر القوم أسرته قليل
وقال حسان أيضًا:
ألا من مبلغ عني أُبَيًّا ... فقد ألقيت في سحق السعير
تمنى بالضلالة من بعيد ... وتقسم إن قدرت مع النذور
تمنيك الأماني من بعيد ... وقول الكفر يرجع في غرور
فقد لاقتك طعنة ذي حفاظ ... كريم البيت ليس بذي فجور
له فضل على الأحياء طرًّا ... إذا نابت ملمات الأمور
"ولما انتهى -صلى الله عليه وسلم- إلى فم الشِّعب، ملأ علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- درقته من المهراس" بكسر الميم، وسكون الهاء، وبالراء وسين مهملة آخره، "وهي صخرة منقورة تسع كثيرًا من الماء" تجعل إلى جانب البئر، ويصبّ فيها الماء لينتفع به الناس، "وقيل: هو اسم ماء بأحد".
قال الشاعر: وقتيلًا بجانب المهراس، قاله المبرد، وحكاه عنه أبو ذر الهرويّ، وتبعه ابن الأثير، لكن غلط السهيلي المبرد، فقال: المهراس حجر منقور يمسك الماء فيتوضأ منه, شبه بالمهراس الذي هو الهاون، ووهم المبرد، فجعل المهراس اسمًا علمًا للمهراس الذي بأحد خاصة، وإنما اسم لكل حجر نقر، فأمسك الماء.
ورى ابن عبدوس عن مالك أنه سُئِلَ عن رجل مَرَّ بمهارس في أرض فلاة، كيف يغتسل

<<  <  ج: ص:  >  >>