قالوا: فإذا قلت إن زيدا قائم، عملت إن في الابتداء وبقى الخبر على حاله؛ لأن إن لا تعمل في الخبر، فخبرها خبر الابتداء. وهذا مذهب الكسائي.
قال أبو عثمان: هذا خطأٌ. ثم سألهم فقال: أخبروني عن إن لم نصبت عندكم؟ قالوا: لأنها مشبهة بالفعل. قال لهم: فإذا قلتم: إن زيدا قادمٌ، زيد عندكم إنه ماذا؟ قالوا: عندنا أنه مفعول مقدم. قال: فما الفعل فيه؟ قالوا: إن. قال: فبين إن وبين قادمٌ سبب؟ قالوا: لا. قال: فهل رأيتم فعلا قط نصب ولم يرفع شيئا؟ قالوا: هذا محال، لأن الفعل إذا لم يرفع خلا من الفاعل. قال: فالشيء إذا شبه بالفعل فلا ينبغي أن ينصب فقط ولا يرفع؛ لأنه إن كان كذلك فليس هو مشبها بفعل، لأنه لا فعل في الكلام نصب ولم يرفع. قالوا: أجل كذا يجب. قال لهم: فيجب في الحرف المشبه بالفعل أن يكون الاسم المنصوب بعده بمنزلة المفعول ويكون الخبر بمنزلة الفاعل حتى يكون هذا الحرف مشبها، وإلا فليس هذا مشبها.
فألزمهم أن إن وأخواتها تعمل في الاسم والخبر، الاسم بمنزلة المفعول المقدم، والخبر بمنزلة الفاعل. فلم يجد النحويون عن تقديره محيصا، ولزمهم الكلام.
وهذا مذهب الخليل، فإنه كان يقول: إن نصبت الاسم ورفعت الخبر، لأنها عملت عمل الفعل، فكان الأول كالمفعول، والثاني كالفاعل.