قال ثعلب: كلمت ذات يوم محمد بن يزيد البصري فقال: كان الفراء يناقض، يقول قائم فعل، وهو اسمٌ لدخول التنوين عليه. فإذا كان فعلا لم يكن اسما، وإن كان اسما فلا ينبغي أن تسميه فعلا.
فقلت: الفراء يقول قائم فعل دائم لفظه لفظ الأسماء لدخول دلائل الأسماء عليه، ومعناه معنى الفعل لأنه ينصب فيقال قائم قياما، وضاربٌ زيدا، فالجهة التي هو فيها اسمٌ ليس هو فيها فعلا، والجهة التي هو فيها فعل ليس هو فيها اسما. فأنت لم نصبت به وهو عندك اسم؟ فقال: لمضارعته يفعل. فعارضته بقول العرب: جاءني آكلٌ طعامك، ولقيت آخذا حقك، وقلت له: قد نصبوا بآكلٌ وآخذٌ، ويفعل لا يضارعهما إذ كان لا يقع موقع الفاعل والمفعول. فقال لي: مضارعته قد حصلت له في أصل بنيته. فألزمته تقدم الصلة وفاعل غير متصرف، وطالبته أن يجيز: طعامك جاءني آكل، وحقك لقيت آخذا، فقال: أجيز المسألتين. فقلت له: لم يجز هذا أحدٌ؛ لأن الصلة لا تتقدم إلا عند تصرف الموصول. ومستحيل في البنية. من قال طعامك جاءني آكل، وحقك لقيت آخذا، أحال، لأن آكلا وآخذا لما منعا التصرف منعت صلتهما التقدم، وجريا مجرى: بالله تعجبني ثقتك، وعن طاعة الله يسوءني إعراضك، كل واحدة من المسألتين خطأ؛ لأن الثقة والإعراض لا يحل محلهما مستقبل يكون فاعل الفعل، فإذا كانا جامدين ممنوعين من التصرف لزمت صلتهما التأخير. ولهذه العلة أحال النحويون: طعامك جاءني الآكل، وحقك لقيت