اجتمع الكسائي والأصمعي عند الرشيد، وكانا معه يقيمان بمقامه ويظعنان بظعنه. قال: فأنشد الكسائي يوما لأفنون التغلبي:
لو أنني كنت من عادٍ ومن إرم ... غذى سخلٍ ولقمانا وذا جدن
لما وقوا بأخيهم من مهولةٍ ... أخا السكون ولا جاروا عن السنن
أنى جزوا عامرا سوءى بفعلهم ... أم كيف يجزونني السوءى من الحسن
أم كيف ينفع ما تعطى العلوق به ... رئمان أنفٍ إذا ما ضن باللبن
فقال الأصمعي: ريمان أنف. فأقبل عليه الكسائي فقال له: اسكت، ما أنت وهذا؟ يجوز ريمان وريمان وريمان. ولم يكن الأصمعي صاحب عربية.
قال أبو العباس: إذا رفع رفع بينفع، أم كيف ينفع رئمان أنف. وإذا نصب نصب بتعطى. وإذا خفض رده على الهاء التي في به. والهاء مكنى، ولا يرد الظاهر على المكني، وجاز رده هنا لتقدم ذكره اللبن؛ لأن العلوق قد تقدمت، وقد علم أن لها لبنا فصار المكنى لذلك كالظاهر، وبه كناية عن اللبن.