حدثني أبو الحسين الحصيني قال: حدثني أبو الفضل جعفر بن محمد بن يعقوب النحوي الغساني الضرير قال: حدثني أبو العباس محمد بن يزيد قال:
كان محمد بن عبد الله بن طاهر رجلا لا يقبل من العلوم إلا حقائقها، وإنه رام نحو هؤلاء الكوفيين، وإنهم يحصلون على الرواية فإذا اختلفوا رجعوا إلى الكتب، فقيل له: اجمع بين أحمد بن يحيى وبين هذا البصري، فوعدنا ليوم بعينه وكان يوم خميس، فبكرت وإذا بعض الناس –يعني أحمد بن يحيى- قد سبقني، وعلى الباب علي بن عبد الغفار الضرير، فقال بعض الناس: من هذا؟ فقيل: هذا الذي يجمع بينك وبينه لتناظره. فكان أول ما بدأني به أن قال: ما يقول سيبويه في كذا وكذا؟ فقلت: كذا وكذا. فقال: ليس كما قلت. فسكت. قال: فقال لي علي بن عبد الغفار: ما لك قد سكت؟ قلت: وما عسيت أن أقول، رجل يقول: ليس الأمر كما قلت أفأهتره. ثم أذن لنا فلما استقر بنا المجلس، كان أول سؤاله إيانا أن قال: خبراني عن قول الله جل وعز: {إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ} كم فيه (من) لغة؟ فقلت: برآء مثل كرماء، وبراء على مثال كرام.
فقال أحمد بن يحيى: وبراءٌ أيها الأمير. فقال: ما تقول يا محمد؟