فقلت: أيها الأمير سله من أين؟ قال: من أين قلت؟ قال: حدثني سلمة عن الفراء أنه سمع أعرابية تقول: ألا في السوة أنتنه تريد: ألا في السوءة أنتنه، فطرحت الهمزة. قال: ما تقول يا محمد؟ قلت: لا ينسخ القرآن إلا مثله، ولا الإجماع إلا مثله.
قال: نحو ماذا؟ قلت: كما كان الناس يصلون إلى بيت المقدس ثم نسخته الصلاة إلى بيت الله الحرام. قال: هات. قلت: ولا ينسخ الضرورة إلا مثلها. قال: كماذا؟ قلت: أن ترى الإنسان طفلا فلا تنازعك ضرورةٌ، ثم تراه غلاما يفعة فلا تنازعك ضرورة، ثم تراه شيخا. فقال: فهات الذي أجريت إليه. قلت: لا يترك كتاب الله وإجماع العرب لقول أعرابية رعناء.
قال: فخبراني عن توراةٍ ما وزنها؟ قال أحمد بن يحيى: تفعلة. قال: ما تقول يا محمد؟ قلت: ليس في كلام العرب تفعلة إلا قليل نحو تنقلةٌ. قال: فما هي عندك؟ قلت: فوعلة، وأصله وورية، ثم قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت ووراة، ثم قلبت الواو الأولى تاء كما قالوا تراثٌ وأصلها وراث، وتخمة وأصلها وخمة. والتوراة مأخوذة من ورى الزناد، وتقديرها أنها توري الحكمة، أي تضيء.
قال: فخبراني عن سماء ما أصل ألفها؟ قلت: أصلها سماوٌ. قال: وما دليلك؟ قلت: سماوة وسماوات. قال: فأنشدني في هذا بيتا. فأنشدته:
وأهتم سيار مع القوم لم يدع ... تعرض آفاق السماو له ثغرا