قال أبو العباس أحمد بن يحيى: كان أبو نصر صاحب الأصمعي يمل شعر الشماخ، وكنت أحضر مجالسه، وكان يعقوب يحضرها قبلي، لأنه كان قد قعد عن مجالسهم وطلب الرياسة، فجاءني إلى منزلي فقال: اذهب بنا إلى أبي نصر حتى نقفه على ما أخطأ وصحف فيه من شعر الشماخ، فإنه أخطأ في بيت كذا وصحف في حرف كذا. قال: وأنا ساكت، فقال: ما تقول؟ فقلت: ليس يحسن هذا، أمس نرى على باب الشيخ نسأله ونكتب عنه، ثم نصير إليه لتخطئته وتهجينه؟ فخرج الشيخ إلينا فرحب، فأقبل عليه يعقوب فقال: كيف تنشد هذا البيت للشماخ؟
فقال: كذا. قال: فكيف تقول في هذا الحرف من شعره؟ قال: كذا. قال: أخطأت. فلما مرت ثلاث أو أربع مسائل اغتاظ الشيخ، ثم قال: يا ماص تستقبلني بمثل هذا وتقوى نفسك على مثل هذا، وأنت بالأمس تلزمني حتى يتهمني الناس بك! ونهض أبو نصر فدخل بيته ورد بابه في وجوهنا. فاستخذى يعقوب فأقبلت عليه فقلت له: تف ما كان أغنانا عن هذا. فأمسك ولا نطق بحلوة ولا مرة.