قال أبو محمد اليزيدي: وكنت جالسا مع الفضل بن الربيع، فدخل علينا علي الأحمر، فجلس إلى الفضل، فقال لي الفضل: من كان أعلم بالنحو: الكسائي أو أبو عمرو بن العلاء؟ وكان أبو عمرو أستاذ أبي محمد. قال: قلت له أصلحك الله، لم يكن أحدٌ بالنحو أعلم من أبي عمرو. فقال الأحمر: لم يكن يعرف التصريف. فقلت له: ليس التصريف من النحو، إنما هو شيءٌ ولدناه نحن واصطلحنا عليه. وكان أبو عمرو أنبل من أن ينظر فيما ولد الناس.
قال: ولم؟ قلت: لأنه جاور البدو أربعين سنة، ولم يقم الكسائي بالبدو أربعين يوما.
ثم قلت له: أنت أيضا تزعم أن الكسائي لم يكن يبصر التصريف وأنت تزعم أنك علمته. فسكت. فلما أراد أن يقوم أخذت دواة وقرطاسا وكتبت:
زعم الأحمر المقيت علي ... والذي أمه تدين بمقته
أنه علم الكسائي تصريفا ... فإن كان ذا كذا فباسته
ثم دفعت الرقعة إلى الفضل، فما زال يضحك منها والأحمر لا يدري من أي شيءٍ يضحك.