حدثنا أحمد بن يحيى قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: قال الفراء: قلت لأبي الحسن علي بن حمزة الكسائي يوما: تعجبت مما ألطف الخليل فيه وكيف انتزعته قريحته على غير إمام متقدمٌ، وقد تذاكرنا العروض. فقال الكسائي: مات والله الفهم يوم مات الخليل، لو رأيته لم يعظم في عينك بشرٌ بعده. ثم قال: والله ما تمثلت في صدري جلالة أدبٍ من وجهٍ ولا علمٍ إلا وجدت ذلك فرعا من أصلٍ اغترسه، أو سببا من بابٍ افتتحه، وما رأيت أحدا اعترضه بابٌ من علم فأخال به ثقة يعتمد عليه، أو مثال حسن يستمد منه إلا والخليل صاحب قصته.
قال الفراء: فعلمت بما دار من حكايته أنه يشير على غير صناعة الشعر. فقلت: وما تذكر من حسنه؟ فقال: حضرت مجلسا والخليل فيه ويونس بن حبيب النحوي، فتذاكروا الشعر، فتكلم يونس في تقديم زهير وتقريظه حتى أغرق في وصفه، وذكر الخليل النابغة الذبياني، فقال العباس بن محمد وكان المجلس له وللخليل: وما تذكر من حسنه؟ قال: النابغة كان أعذب على أفواه الملوك وأوقع بقلوبهم، وأنظم لمعاني الكلم من زهير.