[١٨- مجلس يعقوب بن السكيت مع أبي عبد الله محمد بن زياد الأعرابي]
قال أحمد بن يحيى: كان يعقوب بن السكيت مقداما جسورا على العلماء، يتوردهم بالأشياء، للفضل الذي كان يحس به من نفسه. قال: فحضرنا يوما عند أبي عبد الله ابن الأعرابي، فتكلم فعارضه، فقال ابن الأعرابي: يقال أضرب الرجل، إذا أقام في بيته ولزمه. فقال له يعقوب: من يحكي هذا أصلحك الله؟ فأقبل عليه ابن الأعرابي فقال: ما أشد حاجتك إلى من يعرك أذنك ثم يصفع. فقال: يا عاض. قال: فأطرق يعقوب حتى سكن ابن الأعرابي، ثم أقبل عليه فقال: ما كان يسرني أن هذه البادرة بدرت منك إلى غيري ثم لم يحتملها.
قال: فرأينا الانكسار فيه والاستكانة. ثم ابتدأ يعقوب يقرأ عليه، فاستمع لقراءته إلى أن أمسك يعقوب من تلقاء نفسه. ثم لم يزل يعقوب يأتيه ويقرأ عليه كل ما يريد، ويسأله فلا يمنعه ولا يأمره بالإمساك حتى يمسك هو، إلى أن فرق الدهر بينهما، فكان يعقوب يقول: ما كان أعظم بركة ذلك المجلس، أو ذلك اليوم!