وحدثني قال: حدثني أحمد قال: حدثني أبو عبد الله الحسين بن علي بن حماد الرازي قال: سمعت محمد بن إدريس الدنداني يقول: سمعت نصيرا يقول:
أصبح الكسائي يوما محزونا كئيباً فقلنا له: ما قصتك؟ قال: أصحبت وقيذاَ ساهراً بآية قرأنها. قلنا: ما هي؟ قال: إن قرأت: ((والليل إذا يسري)) ، خالفت أصحاب محمد؛ لأن عثمان رضي الله عنه جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما في هذا المصحف. وإن أنا قرأت ((يسر)) بلا ياء فقد نقصت، فما أدري ما أصنع. قال: فأتاه أعرابي يكنى أبا الدينار، وكانت له عنده وظيفة، فقال له الكسائي: يا أبا الدينار، أتقرأ من القرآن شيئا؟ قال: أقرأ بعلم. قال له: اقرأ: والفجر، فابتدأ يقرأ:{وَالْفَجْرِ، وليالٍ عشرٍ. والليل إذا يسر} قال: فسري عن الكسائي ما كان فيه من الغم.
فقال الفراء وقد عجب مما رأى به: وما ترجو بسماعك منه؟ فقال له الكسائي: أنت لا تدري، هؤلاء ينونون في قول الشعر، فإن كانت نصبا نونوها منصوبا، وإن كانت رفعا نونوها رفعا، وإن كانت خفضا نونوها. فلما كانت والفجر آية نونوها، وليال عشر نونوها، والليل إذا يسر نونوها أيضا.
قال: فقال له الكسائي: يا أبا الدينار، لك عندي وظيفتك ومثلها معها.