قال أبو العباس محمد بن يزيد: سألت أبا عثمان فقلت: من أجاز ما صبك الله علي، فجعل ((ما)) حالا كيف يكون تقديره؟ فقال: كأنه قال: خيرا أم شرا صبك الله علي، فقلت له: إنما يسأل عن الحال بكيف، وما إنما يسأل بها عن صفات الآدميين وذات غيرهم، كقولك: ما عندك؟ فيقول: حمارٌ أو تمر. وتقول: ما عبد الله؟ فيقول ظريف أو أحمق. ولو احتملت ما أن تدخل على كيف فتكون سؤالا عن حال لاحتملت أن تدخل على متى فيسأل بها عن الزمان، وعلى أين فيسأل بها عن المكان، وعلى كم فيسأل بها عن العدد، كما تقول: كيف ذهب عبد الله أراكباً أم ماشياً؟ فذكر أن من أجاز ذلك في ((ما)) إنما استكرهه. فهذا القياس. وإنما اضطر الشاعر فأدخلها على كم فقال –وهو الفرزدق:
فما تك يا ابن عبد الله فينا ... فلا ذلا نخاف ولا افتقارا
أراد: كم أقمت فينا، ولو رفع يكون لكانت ما ويكون بمنزلة الكون، جعله وقتا، مثل مقدم الحاج. قال الله تبارك وعلا:{وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} ، أي دوامي فيهم.
قال أبو العباس: ويجوز أن يسأل بها عن المصدر نحو خير وشر، وتجعله حالا، نحو: جاء زيد مشيا.