حدثني بعض أصحابنا قال: حدثني أبو إسحاق الزجاج قال: كنت في ابتداء أمري قد نظرت في علم الكوفيين وانقطعت إليه، فاستكثرت منه حتى وقع لي أني لم أترك منه شيئا، وأني قد استغنيت به عن غيره. فلما قدم محمد بن يزيد بغداد قصدته يوما وأنا عندي أنه إن ناظرني قطعته لا أشك فيه، فدخلت إليه فلما قعدت قلت له: كيف تقول ما أحسن زيدا؟ فقال: ما أحسن زيدا. قلت: زيد بأي شيء تنصبه؟ فقال: التقدير شيء حسن زيدا، فما اسمٌ مبتدأ، وأحسن خبره وفيه ضمير الفاعل، وزيداً مفعول به، والمعنى معنى التعجب. فذهبت أتخطى المسألة فقال لي: على رسلك أقنعك هذا الجواب؟ قلت: ما تركت فيها شيئًا. قال: فإنها تنتقض عليك. قلت: من أين؟ قال: كيف جاز أن تكون ما اسما بغير صلة، وإنما تكون اسما تاما في الجزاء، نحو: ما تصنع أصنع، أو في الاستفهام نحو: ما صنعت يا رجل؟ وما عندك؟ فهي ابتداءٌ وما بعدها خبرها، فكيف جاز أن تكون في غير هذين الموضعين اسما بغير صلة؟ وأنت لو قلت رأيت أو أعجبني ما، لم يكن كلاما حتى تقول: رأيت ما صنعت، أو أعجبني ما عندك، ونحو ذلك مما يكون صلة للذي. فلم يكن عندي في هذا جواب. فقال: الجواب عن السؤال أن يقال: إنما صلح أن تكون ما في الاستفهام اسما بغير صلة، لأنها لو وصلت علمت، وإنما يسأل السائل عما يجهل، كما تقول: من أبوك؟ فلو قلت: من في الدار أبوك، كنت مخبرا لما علمته وغير مستخبر عما جهلته. وكذلك في الجزاء هي، لأنها هناك شائعة مبهمة