أخبرني شيخ من باهلة كنت أثق بعلمه قال: قدم نابعة بني ذبيان على النعمان بن المنذر، فاستأذن الحاجب فقال له: الملك على شرابه. فقال النابغة: لله أبوك، [هذا حين مرادي] وما كل وقت تتسع لي الفرصات، ولي حاجةٌ قضاؤها معقودٌ بشكرك. فقال له الحاجب: إن في شكرك أبا أمامة لرغبة، وإن في دون ما سألت ما لرهبة التعدي، فهل من سبب أو حيلة. قال: من عنده؟ قال: خالد بن جعفر بن كلاب. قال: فأين أنت عن خالد بما أقول لك؟ قال: وما هو؟ قال: ترتصد لي خالدا، فإذا هو نهض فأقره مني السلام، وقل له: إن من قدرك وفاء الدرك بك، وناحيتي من الشكر ما قد علمت، وحاجتي ملاطفة الأسباب عند الملك حتى تحرك به ذكرا يسهل معه الاستئذان. فقال له: أفعل. ثم دخل فلم يزل ينتهز الفرصة في خالدٍ حتى إذا نهض عارضه، فقال له: ليهنك أبا البسام حادث نعمة. قال له خالد: هنأك الله عيشك، كل ما نحن فيه فبالملك تجديده! فأبلغه مقالة النابغة فقال: ائذنه بالطاعة، وقل له ينتظر المراجعة. ثم عاد إلى مجلسه فقال:
إلا لمثلك أو من أنت سابقه ... سبق الجواد إذا استولى على الأمد
ثم قال: أيها الملك، كأني أرى أملاك ذي رعين وفائش قد مدت لهم قصبات المجد في حلبةٍ أنت –أبيت اللعن- قلادتها، فجئت سابقا متمهلا، وجاءوا محسرين ولم يحمد لهم سعى. فقال له النعمان: أنت في وصفك أبلغ من النابغة في نظمه. فقال له خالد: ما يبلغ