فقلت له: ألا تقول: ((كأنها)) فتحمله على الخطوط، أو ((كأنهما)) فتحمله على السواد والبلق. فغضب وقال: كأن ذاك بها توليع البهق، فذهب إلى المعنى والموضع. فكذلك ذهبوا بذلك إلى السماء. فأما قوله:((كأنه)) فإن السواد والبلق هو التوليع، فكأنه قال: كأن هذا التوليع توليع البهق، وأما السماء والأرض فالعرب تكتفي بالواحد من الجميع. فإن شئت رددته على المعنى، وإن شئت على اللفظ. وأما قوله:((كأن ذاك)) فإن ذاك لا يكنى به إلا عن جملة. وكان هشام وأصحاب الكسائي إذا اتفق الفعل والاسم كنيا بذاك، وإذا لم يتفق الاسم والفعل لم يفعلوا، فيقولون: ظننت ذاك، ولا يقولون: كأن ذاك ولا إن ذاك، والفراء يجيزه كله، لأنه كناية عن الاسم والفعل، فيقولون: إن ذاك وكأن ذاك. وقال: مثل ذلك قوله:
لو أن عصم عمايتين ويذبل ... سمعا حديثك أنزلا الأوعالا
فشرك بين عصم وعمايتين ويذبل.
ومما مثل ذلك مما أشركوا الاثنين بواحد وجعلوا لفظ عدد تقدير الفعل على تقدير لفظ فعل الفردين المشرك بينهما قوله في قول من يجعل اللفظ للمضاف إليه: لو أن عصم عمايتين ويذبل، وعمايتان اثنان ويذبل الثالث، فجعل تقدير لفظ فعلهم المشرك بينهما، أما هذا فإن عمايتين