محالة، ويكون قوله والطلاق عزيمة ابتداءً وخبراً، ويكون التقدير: والطلاق عزيمة من أمري لا بهزلٍ ولا لعب.
ويدل على هذا التأويل قوله في البيت الآخر:
فبيني بها إن كنت غير رفيقةٍ ...
ومن رفع فقال:((والطلاق عزيمةٌ ثلاثٌ)) الطلاق رفع بالابتداء، وعزيمةٌ خبره، وثلاث خبر ثانٍ. وإن شئت جعلت الثلاث موضحا عن العزيمة ومترجما عنها، فيكون المعنى: والطلاق الذي يكون عزيمة من المطلق هو ثلاث. فيحتمل أن يكون قال أنت طالق ولم يقصد الثلاث فتكون واحدة، ويكون قوله والطلاق عزيمة ثلاث منقطعا عن الأول. وجائز أن يكون أراد بقوله أنت طالق الثلاث، لأن له أن ينوي ما أراد من ذلك، ثم فسره بقوله ((والطلاق ثلاث)) ، فكأنه قال: والطلاق الذي جرى ذكره ثلاث. ويجوز نصب عزيمة إذا رفع الثلاث، فيقول: والطلاق عزيمة ثلاث، كأنه قال: والطلاق ثلاثٌ عزيمة، أي عزما، فينصب على المصدر أو على إضمار أعزم ذلك عزما وعزيمة.
وأما قوله:((ومن يخرق أعق وأظلم)) فمن كلام الشعر خاصة، ولا يجوز في منثور الكلام؛ لأنه حذف الفاء التي هي جواب الجزاء، وحذف المبتدأ أيضا، وذلك أنه جزم يخرق على الشرط بمن، فأراد أن يأتي بالفاء في الجواب أو بفعل مجزوم، وكان سبيله أن يقول: ومن يخرق يندم، ومن يخرق فهو أعق وأظلم، ولكنه حذف، فهذا الحذف جائز في الشعر. وأنشد سيبويه في مثل ذلك:
من يفعل الحسنات الله يشكرها ... والشر بالشر عند الله مثلان
أراد: فالله يشكرها، فأضمر الفاء كما ترى، فهو جائز.