للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القسم الثالث: المشهور.

وهو ما كان الرواة جماعة أكثر من اثنين ثلاثة فأكثر، لكن لم تنطبق عليهم شروط المتواتر، فكل جماعة عن جماعة ... إلخ ولم ينطبق عليهم شروط التواتر فهو مشهور.

وينبغي أن تُعلم قاعدة مهمة في علم المصطلح وهو: أن القلِّة تغلب الكثرة. فإذا أردت أن تحكم على الحديث هل هو متواتر أو آحاد، وهل هو غريب أو عزيز أو مشهور فانظر إلى أقل طبقة من رواة الإسناد، فالعبرة بالأقل.

فلو روى ألف عن ألف عن ألف عن واحد عن ألف، فيُقال: إنه غريب، لأن النظر إلى الأقل، وكذلك لو روى ألف عن ألف عن ألف عن اثنين عن ألف، فالحديث عزيز، لأنه يُنظر إلى الأقل، وكذلك لو روى ألف عن ألف عن اثنين عن واحد عن ثلاثة فهو غريب، فالنظر إلى الأقل. كما بيَّن ذلك الحافظ في (النزهة).

قوله: (فَأَقُولُ: الْخَبَرُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ: طُرُقٌ بِلَا عَدَدٍ مُعَيَّنٍ) قوله بلا عدد معين: هذا المتواتر، وهذا هو القسم الأول، والقسم الثاني قوله: (أَوْ مَعَ حَصْرِ بِمَا فَوْقَ الِاثْنَيْنِ، أَوْ بِهِمَا، أَوْ بِوَاحِدٍ) هذا الآحاد، وأشار إلى أن الآحاد أنواع ثلاثة، فقوله: (أَوْ مَعَ حَصْرِ بِمَا فَوْقَ الِاثْنَيْنِ) هذا المشهور، وقوله: (أَوْ بِهِمَا) أي برواية اثنين، وهذا هو العزيز، وقوله: (أَوْ بِوَاحِدٍ) وهذا هو الغريب.

قوله: (فَالْأَوَّلُ: الْمُتَوَاتِرُ: الْمُفِيدُ لِلْعِلْمِ الْيَقِينِيِّ بِشُرُوطِهِ) جعل المتواتر مفيدًا للعلم اليقيني بشروطه، وتقدم ذكر شروط التواتر.

وينبغي أن يُعلم أن العلم نوعان:

• النوع الأول: علم ضروري ويقيني، وهو الذي لا يحتاج إلى نظر ولا استدلال ولا بحث.

• النوع الثاني: علم نظري، وهو الذي يحتاج إلى نظر واستدلال.

فقد جعل الحافظ ابن حجر المتواتر مفيدًا العلم الضروري اليقيني، أي بلا نظر واستدلال، وفي هذا نظر -والله أعلم-؛ وذلك أنه قد يروي الحديث الواحد كثيرون ويكون مرجع الكثرة إلى رجل كذاب، أو سُراق يسرق الأحاديث فيكثر الطرق كذبًا، فلذلك لابد من نظر واستدلال، وقد نبَّه على هذا العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في تعليقاته على

<<  <   >  >>