للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القصة التي حصلت للأنبياء السابقين، وذكرها لنا بالمعنى مع أنها كانت بلغاتهم وبغير لغة العرب، وذكرها لنا باللغة العربية، فصحت الرواية بالمعنى.

تنبيهات:

• التنبيه الأول: قال المعلمي -رحمه الله تعالى-: وإنما يُخشى في الرواية بالمعنى في الأحاديث القولية لا الفعلية. ذكر هذا في طليعة (التنكيل)، وصدق -رحمه الله تعالى- لأن الحديث الفعلي يحكيه الراوي، ويُفسره الراوي، بخلاف الحديث القولي الذي هو مبني على السماع.

• التنبيه الثاني: ذكر ابن حجر في (النزهة) وذكر غيره: أن أقوى ما استُدل به في جواز الرواية بالمعنى جواز ترجمة معاني القرآن.

يُقال هذا الدليل فيه نظر؛ وذلك لأن ترجمة معاني القرآن ليست رواية للقرآن بالمعنى، وإنما ترجمة المعنى من لغة إلى لغة، وفرق بين ترجمة المعنى من لغة إلى لغة وبين رواية اللفظ بمعنى آخر، لذلك فيه نظر -والله أعلم- وإنما الدليل ما تقدم ذكره.

قوله: (فَإِنْ خَفِيَ الْمَعْنَى احْتِيجَ إِلَى شَرْحِ الْغَرِيبِ، وَبَيَانِ الْمُشْكِلِ) هذا أيضًا لا علاقة له بعلم المصطلح، لأن هذا يتعلق بالدراية، وبحثنا في الرواية.

قوله: (ثُمَّ الْجَهَالَةُ: وَسَبَبُهَا أَنَّ الرَّاوِيَ قَدْ تَكْثُرُ نُعُوتُهُ فَيُذْكَرُ بِغَيْرِ مَا اشْتُهِرَ بِهِ لِغَرَضٍ، وَصَنَّفُوا فِيهِ الْمُوَضِّحَ. وَقَدْ يَكُونُ مُقِلًّا فَلَا يَكْثُرُ الأَخْذُ عَنْهُ، وَصَنَّفُوا فِيهِ الوُحْدَانَ، أَوْ لَا يُسَمَّى اخْتِصارًا، وَفِيهِ المُبْهَمَاتُ، وَلَا يُقْبَلُ المُبْهَمُ وَلَوْ أُبْهِمَ بِلَفْظِ التَّعْدِيلِ عَلَى الْأَصَّحِ) ذكر -رحمه الله تعالى- أن من أسباب رد الحديث والطعن في الراوي أن يكون مجهولًا، وجعل الجهالة سببًا للطعن في الراوي، وهذا صحيح، لأن المجهول لا يُعلم حاله، وقبول الأحاديث مبني على الاحتياط، ولا يُقبل إلا خبر الثقة، فلذلك لا تُقبل رواية المجهول.

وذكر أسباب الجهالة، وقال إن الراوي قد تكثر أوصافه فيُذكر بغير ما اشتُهر به، وصنفوا فيه -والله أعلم- المُوضِّح -بالتشديد- يعني: ما يُوضح من كثرت نعوته، وقد أفرد فيه الخطيب البغدادي -رحمه الله تعالى- مصنفًا.

والسبب الثاني للجهالة قوله: (وَقَدْ يَكُونُ مُقِلًّا فَلَا يَكْثُرُ الأَخْذُ عَنْهُ، وَصَنَّفُوا فِيهِ الوُحْدَانَ) أي من لم يرو عنه إلا واحد، وقوله: (أَوْ لَا يُسَمَّى اخْتِصارًا) هذا السبب الثالث للجهالة

<<  <   >  >>