فإذن أهل العلم على عدم الإطالة في التشهد الأول، بخلاف التشهد الثاني، فالمقصود أن هذه قرينة إسنادية تساهلوا بها، وإلا الأصل ألا تُقبل، وهذا مبحث مهم، فأهل الحديث ينظرون إلى القرائن ويعتنون بذلك، ومن كلمات العلامة الكبير المجدد محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله تعالى- أنه قال: وعلم الحديث ليس (واحد زائد واحد يساوي اثنين)، وإنما يُنظر فيه إلى القرائن.
قوله:(الْمُعَلَّقُ) ممن اشتهر بتعليق الأحاديث أبو داود في سننه وأكثر من ذلك، وممن اشتهر بالتعليق أيضًا الإمام البخاري، وله طريقة، وذلك أنه يُعلق الحديث هو وغيره لكن اشتهر كلام أهل العلم على البخاري وخصوا الكلام عليه لعنايتهم ودراستهم له، وقالوا: معلقات البخاري قسمان:
• القسم الأول: بصيغة التمريض، كأن يقول البخاري: يُذكر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو: يُذكر عن ابن عباس.
• القسم الثاني: بصيغة الجزم، فقد يقول: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال صلة، قال عمار ... إلخ.
أما ما جزم به فهو صحيح إلى من جزم به، فإذا قال: قال صلة، قال عمار، فإذن صحيح إلى صلة، أما ما بعد صلة فتنظر في الإسناد، فإذا جزم به عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو صحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أما إذا علقه البخاري بقوله: يُذكر ... إلخ، قال ابن حجر في (النكت): إن كان حديثًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وساقه مساق الاحتجاج فهو إما أن يكون صحيحًا أو حسنًا أو ضعيفًا ينجبر بغيره.
أما معلقات الإمام مسلم فهي قليلة، وكلها وصلها إلا حديثًا واحدًا وهو حديث أبي جهم، الذي فيه إماطة القرام، وإلا كل أحاديثه المعلقة وصلها -رحمه الله تعالى-، وكذلك ممن اشتهر بالتعليق أبو داود كما تقدم.
قوله:(وَالثَّانِي: الْمُرْسَلُ) فالمرسل على طريقة أهل الحديث مردود كما تقدم في كلام الإمام مسلم في مقدمة صحيحه، ويدل عليه كلام غيره، هذا بالنظر إلى الإسناد روايةً فهو مردود، لأن الواسطة مجهولة كما تقدم في كلام ابن عبد البر، أما من جهة الدراية فإنهم يقبلون المرسل بالنظر لأمور أخر، بالنظر للشواهد والمتابعات، وبالنظر إلى أنه لم يأت بحكم جديد فيُسهل فيه، إلخ، كما بيَّن هذا النووي -رحمه الله تعالى- في شرحه على