للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبيه عن جده أنها مقبولة، أما الأصل فيما انفرد بروايته عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه لا يُقبل، وإنما يصلح في الشواهد والمتابعات، لكن لا يصح استقلالًا في إثبات حكم شرعي.

لذا يحتج أهل الحديث به، وعبارة "يحتج" تُطلق أحيانًا بمعنى: يقبلونه في الشواهد والمتابعات، أي يحتجون به مع غيره لا لذاته، لذلك قال أبو عبيد في كتابه (الأموال) في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في زكاة الحلي: لا زال أهل العلم يتكلمون فيه قديمًا وحديثًا.

لذا إذا انفرد عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بحديث فإنه لا يقوى على أن يستقل بحكم شرعي، ومثله محمد بن إسحاق صاحب السير والمغازي، فقد ذكر الإمام أحمد والذهبي أنه لا يُقبل ما تفرد به، لأن عنده أخطاءً، ومن ذلك حديث سهل بن حنيف الذي رواه أبو داود وغيره أنه يُنضح من المذي، أي أن نجاسة المذي مخففة، لذلك يُكتفى فيها بالنضح ولا يُشترط الغسل، هذا انفرد به محمد بن إسحاق صاحب السير والمغازي، فلا يُقبل، وقد تقدم أن المحدثين يُعلّون بالتفرد، ومن أحاديث محمد بن إسحاق التي تفرد بها: حديث عبادة بن الصامت عند الإمام أحمد وغيره: «لعلكم تقرأون خلف إمامكم؟» قلنا: نعم، قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها» هذا فيه أكثر من علة، منها انفراد محمد بن إسحاق، ومنها أنه خالف الزهري، إلى غير ذلك من العلل.

قوله: (وَإِنِ اشْتَرَكَ اثْنَانِ عَنْ شَيْخٍ، وَتَقدَّمَ مَوْتُ أَحَدِهِمَا، فَهُوَ: السَّابِقُ وَاللَّاحِقُ) إذا روى اثنان، ولو اختلفا في أعمارهما وفي السن عن شيخ واحد فمات أحدهما قبل الآخر فيقال: السابق واللاحق.

قوله: (وَإِنْ رَوَى عَنْ اثْنَيْنِ مُتَّفِقَي الْاسْمِ، وَلَمْ يَتَمَيْزَا، فَبِاخْتِصَاصِهِ بِأَحَدِهِمَا يَتَبَيْنُ الْمُهْمَلُ) تقدم أن المهمل الذي يُذكر الاسم وحده، يُقال: محمد. أو سفيان. أو حمَّاد. يحتمل أنه حماد بن زيد أو حماد بن سلمة، ويحتمل في سفيان أنه ابن عيينة أو الثوري، فكيف يُميز بينهما؟ يُنظر فيمن روى عنه، هل هو تلميذ يُكثر عن أحدهما أم لا؟ ولنفرض أنه يُكثر عن ابن عيينة فيُقال: هذا المهمل ابن عيينة.

قوله: (وَإِنْ جَحَدَ الشَّيْخُ مَرْوِيَّهُ جَزْمًا: رُدَّ، أَوْ احْتَمَالًا: قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ. وَفِيهِ: "مَنْ حَدَّثَ وَنَسِيَ") جحد الشيخ للحديث الذي رواه التلميذ له أحوال ثلاثة:

<<  <   >  >>