للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-:

ثُمَّ الْمَقْبُولُ: إِنْ سَلِمَ مِنَ الْمُعَارَضَةِ فَهُوَ الْمُحْكَمُ. وَإِنْ عُورِضَ بِمِثْلِهِ: فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ فَمُخْتَلِفُ الْحَدِيثِ. وَإِنْ ثَبَتَ الْمُتَأَخِّرُ فَهُوَ النَّاسِخُ، وَالْآخَرُ الْمَنْسُوخُ، وَإِلَّا فَالتَّرْجِيحُ، ثُمَّ التَّوَقُّفُ.

ثُمَّ الْمَرْدُودُ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِسَقْطٍ أَوْ طَعْنٍ:

فَالسَّقْطُ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ مَبَادِئِ السَّنَدِ مِنْ مُصَنِّفٍ، أَوْ مِنْ آخِرِهِ بَعْدَ التَّابِعِيِّ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.

فَالْأَوَّلُ: الْمُعَلَّقُ. وَالثَّانِي: الْمُرْسَلُ. وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَ بِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا مَعَ التَّوَالِي فَهُوَ الْمُعْضَلُ، وَإِلَّا فَالْمُنْقَطِعُ.

ثُمَّ قَدْ يَكُونُ وَاضِحًا أَوْ خَفِيًّا. فَالْأَوَّلُ: يُدْرَكُ بِعَدَمِ التَّلَاقِي، وَمِنْ ثَمَّ احْتِيجَ إِلَى التَّأْرِيخِ.

وَالثَّانِي: الْمُدَلَّسُ وَيَرِدُ بِصِيغَةِ تَحْتَمِلُ اللَّقْيَ: كَعَنْ، وَقَالَ، وَكَذَا الْمُرْسَلُ الْخَفِيُّ مِنْ مُعَاصِرٍ لَمْ يَلْقَ.

قوله: (ثُمَّ الْمَقْبُولُ: إِنْ سَلِمَ مِنَ الْمُعَارَضَةِ فَهُوَ الْمُحْكَمُ. وَإِنْ عُورِضَ بِمِثْلِهِ: فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ فَمُخْتَلِفُ الْحَدِيثِ. وَإِنْ ثَبَتَ الْمُتَأَخِّرُ فَهُوَ النَّاسِخُ، وَالْآخَرُ الْمَنْسُوخُ، وَإِلَّا فَالتَّرْجِيحُ، ثُمَّ التَّوَقُّفُ) يظهر لي -والله أعلم- أنه لا يصح أن يُبحث هذا في علم الحديث، لأنه يتعلق بالدراية، ومصطلح الحديث يتعلق بالرواية، فمثل هذا لا ينبغي أن يُبحث في كتب مصطلح الحديث وإنما يُبحث في كتب أصول الفقه.

والأمر الآخر: جعل ابن حجر -رحمه الله تعالى- مختلف الحديث هو إذا لم يمكن الجمع، فمعنى هذا إذا أمكن الجمع لا يُبحث مبحث مختلف الحديث، وهذا فيه نظر، وقد خالفه ابن الصلاح وبيَّن أن مختلف الحديث شامل لما أمكن الجمع ولما لم يُمكن الجمع، ويدل عليه صنيع الإمام الشافعي في مختلف الحديث، وابن قتيبة في كتابه (تأويل مختلف الحديث) والطحاوي في (شرح مشكل الحديث) إلخ.

فإن صنيع العلماء يدل على أنهم أوردوا في كتب مختلف الحديث ما أمكن الجمع وما لم يمكن الجمع، أما الحافظ فظاهر صنيعه أنه خصه بما يمكن الجمع.

<<  <   >  >>