للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلذلك ينبغي أن يُسلَّم للأئمة وألا يُعارضوا، هذا إذا لم يختلفوا، وإذا اختلفوا نستعمل قواعد أهل العلم التي تلقينها عنهم.

المقدمة السادسة:

ينبغي أن يُعلم أن للمتن تأثيرًا في صحة الحديث وضعفه، فمن المتون ما تستقل بحكم شرعي جديد فيُشدد فيها ما لا يُشدد في غيرها، ومن المتون ما لا تأتي بحكم جديد فيُسهَّل فيها ما لا يُسهَّل في غيرها، ومن أمثلة ذلك ما روى البخاري عن أُبيّ بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبيه عن جده في ذكر خيل النبي -صلى الله عليه وسلم- وكانت في حائط لهم يُقال لها اللخيف.

وأبي بن عباس ضعيف، وتابعه أخوه عبد المهيمن وهو أضعف منه، ومع ذلك أخرجه البخاري، قال ابن حجر في (النكت): تساهل البخاري في إخراجه لأنه ليس من أحاديث الأحكام ولا يترتب عليه شيء، فتسهَّل فيه البخاري -رحمه الله تعالى-.

فلذلك هذا الإسناد لو وضعته على متن آخر في الأحكام لم يصح، لكن صح في مثل هذا، فإذن ينبغي أن يُدقق في نوع المتن، فإنه ينبني على معرفة نوع المتن التشديد في الإسناد أو التسهيل.

لأجل هذا تساهل العلماء في أحاديث الترغيب والترهيب، قال النووي في كتابه (الأذكار): اتفق العلماء على التساهل في أحاديث الترغيب والترهيب. وكلام الإمام أحمد والرازي وغيرهم قالوا: إذا روينا في الحلال والحرام شددنا، وفي الترغيب والترهيب تساهلنا.

ووجه ذلك كما يقول ابن تيمية كما في (مجموع الفتاوى) في المجلد الثامن عشر، وذكر نحوًا من ذلك الشاطبي في كتابه (الاعتصام)، والألباني في مقدمة (صحيح الترغيب والترهيب)، قالوا: المراد التساهل في أحاديث الترغيب والترهيب التي لا ينبني عليها أحكام، فيكون الحكم ثابتًا بأدلة صحيحة، فثبت استحبابه أو وجوبه، ثم يرد في حديث آخر ذكر فضل ما تضمنه هذا الحديث، فمثل هذا يُتساهل فيه، بشروط كأن لا يكون ضعفه شديدًا، وغير ذلك.

<<  <   >  >>