للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسلم، وابن رجب في شرح (العلل) وقال: قال ابن جرير: ورد المرسل بدعة حصلت بعد المائتين. ومراده: رده من جهة الدراية والاحتجاج لا من جهة الرواية، أما من جهة الدراية والاحتجاج فلا يُرد مطلقًا، بل يُنظر فيه كما بيَّن ذلك الشافعي في كتابه (الرسالة)، وشرح هذا ابن عبد الهادي في كتابه (الصارم المنكي)، وابن رجب في شرح (العلل).

فإذن بالنظر إلى الرواية فهو مردود، وبالنظر للدراية فلا يُرد مطلقًا، بل يُنظر لنوع المرسل، وهل له شواهد أو ليس له شواهد، وهل أتى بحكم جديد أم لا؟ ... إلخ.

ثم ينبغي أن يُعلم أن مراسيل الصحابة مقبولة بالإجماع كما بيَّنه ابن حجر وغيره، إلا أنهم لا يقبلون مراسيل صغار الصحابة، أي الذين رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وكانوا صغارًا ولم يرووا عنه، كطارق بن شهاب ونحوه، نص على هذا الحافظ ابن حجر في كتابه (الإصابة) وكتاب (النكت).

فقول العلماء إن مراسيل الصحابة مقبولة: أي من يصلح للتحمل، أما من لا يصلح للتحمل لصغره فإن مراسيله لا تُقبل، وينبغي أن يُفصل في هذا حتى لا يُظن أن قولهم بأن مراسيل الصحابة مقبولة شاملة حتى لمن لا يصلح منه التحمل، كطارق بن شهاب ونحوه.

قوله: (إِنْ كَانَ بِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا مَعَ التَّوَالِي فَهُوَ الْمُعْضَلُ، وَإِلَّا فَالْمُنْقَطِعُ) صنيع العلماء الماضين أنهم يطلقون المرسل على أي انقطاع، سواء كان على المعلق وعلى المنقطع بالمعنى عند علماء المصطلح، وعلى المرسل بمعناه عندهم، فأي انقطاع يسمونه مرسلًا، كما يدل على هذا كتاب ابن أبي حاتم في المراسيل، وكتاب أبي داود في المراسيل، وذكر هذا جمع من أهل العلم كالسخاوي وغيره، أنهم يطلقون المرسل على أي انقطاع، ولا يخصونه بالانقطاع بسقوط الصحابي ورواية التابعي كما تقدم، وكذلك الانقطاع يُطلق على أي انقطاع ولو كان على التوالي.

وقولهم: المعضل، يُطلق على انقطاع اثنين على التوالي، وأيضًا يطلقون المعضل على المعضل في فهمه من جهة المتن.

قوله: (ثُمَّ قَدْ يَكُونُ وَاضِحًا أَوْ خَفِيًّا. فَالْأَوَّلُ: يُدْرَكُ بِعَدَمِ التَّلَاقِي، وَمِنْ ثَمَّ احْتِيجَ إِلَى التَّأْرِيخِ. وَالثَّانِي: الْمُدَلَّسُ وَيَرِدُ بِصِيغَةِ تَحْتَمِلُ اللَّقْيَ: كَعَنْ، وَقَالَ، وَكَذَا الْمُرْسَلُ الْخَفِيُّ

<<  <   >  >>