ثم جعل العلو قسمين: علو مطلق وهو إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي تقدم ذكره، أو علو نسبي، أي أن بين المصنف وشعبة مثلًا اثنان، والعادة أن يكون بينهما لمثله ثلاثة، فيُقال هذا: علو نسبي.
والمراد بالموافقة: أن يروي أحد حديثًا ويصل إلى شيخ المصنف كشيخ البخاري مثلًا، من غير طريق البخاري، فهذا يسمى موافقة، أو أن يصل إلى شيخ شيخ البخاري فيُسمى البدل، فهذان قسيمان.
قوله:(وَفِيهِ الْمُسَاوَاةُ: وَهِيَ اسْتِوَاءُ عَدَدِ الْإِسْنَادِ مِنَ الرَّاوِي إِلَى آَخِرِهِ، مَعَ إِسْنَادِ أَحَدِ الْمُصنِّفِينَ وَفِيهِ الْمُصَافَحَةُ: وَهِيَ الْاسْتِوَاءُ مَعَ تِلْمِيذِ ذَلِكَ الْمُصنِّفِ، وَيُقَابِلُ الْعُلُوَّ بَأَقسامِهِ: النُّزُولُ) لو روى راوٍ حديثًا وكان بينه وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- كما بين البخاري والنبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه يُسمى المساواة، أو أن يكون بينه وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- كما بين تلميذ البخاري إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فيُقال المصافحة، وهذه فروع عن الحديث العالي والحديث النازل.
قوله:(وَيُقَابِلُ الْعُلُوَّ بَأَقسامِهِ: النُّزُولُ) لأن النزول قسيم العلو ويُقابله.
قوله:(فَإِنْ تَشَارَكَ الرَّاوِي وَمَنْ رَوَى عَنْهُ فِي السِّنِّ وَاللُّقِيِّ فَهُوَ الْأَقْرَانُ. وَإِنْ رَوَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَنِ الْآَخَرِ: فَالْمُدْبَجُ) إذن لابد في الأقران من هذين الأمرين، من السن واللقي، فإذا تساويا في السن واللقي فهما أقران، وإذا روى القرينان عن بعضهم فيُقال المدبج.
قوله:(وَإِنْ رَوَى عَمَّنْ دُونَهُ: فَالْأَكَابِرُ عَنِ الْأَصَاغِرِ، وَمِنْهُ الْآَبَاءُ عَنِ الْأَبْنَاءِ، وَفِي عَكْسِهِ كَثْرَةٌ، وَمِنْهُ مَنْ رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ) الأصل أن يروي الابن عن أبيه، فإن عُكس وروى الأب عن ابنه، قال: فالأكابر عن الأصاغر ... ، وقوله:(وَفِي عَكْسِهِ كَثْرَةٌ) أي رواية الأبناء عن الآباء، ومنه من روى عن أبيه عن جده.
وهذه سلسلة مشهورة في رواة كثيرين، ومن أشهرها رواية: بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، ورواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. ورواية بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أصح من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والأصل في رواية بهز بن حكيم عن