للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحمد -رحمه الله تعالى-، أي نصَّ على أن الحديث يتقوى بمجموع طرقه، ويدل عليه القرآن، قال ابن تيمية كما في (مجموع الفتاوى): قال تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: ٢٨٢] قال: هذا دليل على أن الحديث يتقوى بمجموع طرقه، وسيأتي البحث في هذا أكثر -إن شاء الله تعالى-.

قوله: (فَإِنْ جُمِعَا فَلِلتَّرَدُّدِ فِي النَّاقِلِ حَيْثُ التَّفَرُّدُ، وَإِلَّا فَبِاعْتِبَارِ إِسْنَادَيْنِ) فقوله: (فَإِنْ جُمِعَا) أي إذا قيل في حديث: حسنٌ صحيح. يقول الحافظ هذا له حالان:

• الحال الأولى: إما ألا يكون له إلا طريق واحد فيكون الجمع على وجه التردد، بحيث إن الناقد متردد هل هو حديث صحيح أو حديث حسن.

• الحال الثانية: أن يكون له طريقان، فيكون أحد الطريقين حسنًا والآخر صحيحًا، هذا ما ذكره الحافظ، وهذا فيه نظر -والله أعلم- فإن صنيع العلماء على خلاف ذلك، لذا أكثر ما يقول فيه الترمذي: حديث حسن صحيح. فهو من أصح الصحيح، وهو ما اتفق عليه الشيخان، ذكر هذا ابن رجب -رحمه الله تعالى- في شرحه على (العلل)، وابن حجر في كتابه (النكت).

فلذا قول الترمذي: حسنٌ صحيح. هو إشارة إلى أصح الصحيح في الغالب.

• تنبيه: أكثر من يستعمل هذه الألفاظ الترمذي -رحمه الله تعالى- في جامعه، وقد عرَّف منها شيئًا واحدًا وهو الحسن، فذكر فيه ثلاثة شروط، قال: أن يُروى من غير وجه، وألا يكون شاذًا ولا مُعللًا، أما الغريب فصنيع العلماء على أنه بمعنى ضعيف كما تقدم.

أما قول: حسن صحيح. فاستقراء ابن رجب وابن حجر أنه أصح الصحيح كما تقدم ذكره، أما قوله: لا يُروى إلا من هذا الوجه. هذا واضح أنه يعني به التفرُّد، إما التفرد المطلق أو النسبي، وتقدم أن العلماء لا يُدققون في هذا وأن استعمالاتهم إلى اللغة أكثر منها إلى الاصطلاح.

• تنبيه: يكثر الاختلاف في نسخ الترمذي، ففي بعض النسخ: حديثٌ حسن. وفي بعض النسخ: حديث حسن صحيح. إلخ وأضبطها-والله أعلم- ما نقله المزي في كتابه (تحفة الأشراف)، فإذا شككت في النسخ التي بين أيدينا فراجع (تحفة

<<  <   >  >>