للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- المسألة الأولى: أن المدلس إذا صرَّح بالسماع فيُقبل حديثه إجماعًا، حكى الإجماع ابن عبد البر، ويدل عليه كلام العلماء الأوائل.

• المسألة الثانية: أن الراوي قد يقول في الحديث: حدثنا فلان. أو حدثني فلان. أو أخبرني فلان ... إلخ، ويكون خطأ منه، كما بيَّن هذا الإمام أحمد وغيره في جمع من الرواة، وقد نقل شيئًا من ذلك ابن رجب في شرح (العلل)، لذلك إذا قال المحدثون: قوله حدثنا أو سمعت خطأ، فالقول قولهم.

• المسألة الثالثة: قد لا يثبت سماع الراوي من الراوي، لكن يُقبل حديثه لقرينة، فقد تقدم أن ما ثبت انقطاعه يُقبل، فكيف ما ليس كذلك فيما لم يُثبت لقيه؟ لذا لا يلزم من قبول الإمام مسلم لهذا الشرط أن يكون بنى صحيحه على ذلك، لأنه سيحتاط في الصحيح، فلا يُخرج إلا ما لم يكن كذلك أو ما كان كذلك لكن دلت القرائن على قبوله.

لذا ابن رجب لما رجّح هذا القول –وهو شرط البخاري- قال: وقد يُقبل الحديث الذي لم يثبت اللقي فيه، أي بالقرائن كما تقدم بيانه.

قوله: (وَأَطْلَقُوا الْمُشَافَهَةَ فِي الْإِجَازَةِ الْمُتَلَّفَظُ بِهَا، وَالمُكَاتَبَةُ فِي الْإِجَازَةِ الْمَكْتُوبِ بِهَا) المشافهة: أي شافهني فلان. والتلفظ: أي قول أجزتك، أو أجزت من حضر. والمكاتبة: كتب إجازة إلى فلان، فيُقال له كاتبني.

قوله: (وَاشْتَرَطُوا فِي صِحَّةِ الْمُنَاوَلَةِ اقْتِرَانُهَا بِالْإِذْنِ بِالرِّوَايَةِ، وَهِيَ أَرْفَعُ أَنْوَاعِ الْإِجَازَةِ) لو أن شيخًا ناول تلميذه كتبه، لكن لم يأذن له بالرواية، قالوا: لا يُعتد برواية التلميذ من كتب شيخه التي ناوله إياها إذا لم يأذن له، وهذا مذهب الجمهور، وفي المسألة قول ثان: أنه يُعتد به، وهذا هو الأصل، ما لم يتبيَّن بقرينة أن في الكتب شيئًا، وإلا الأصل أنه يعتد بها -والله أعلم-.

وذلك مثل الوجادة، فقد أخرج مسلم من حديث مخرمة بن بكير عن أبيه، ومخرمة بن بكير وجد كتب أبيه فروى عنها بلا إذن من أبيه، وذلك أنه وجدها بعد وفاة أبيه، فقبلها الإمام مسلم، وروى من ذلك أحاديث عدة في صحيح مسلم، منها: ما أخرج مسلم من حديث عائشة: «ما من يوم يُعتق الله فيه عباده أكثر من يوم عرفة، وإنه ليدنو من العباد ... » هذا من رواية مخرمة بن بكير عن أبيه، وقد جعله مسلم في الأصول ولم

<<  <   >  >>